أحد فقال ما تريدون إلى ذلك! قد جاء الله بالاسلام، ونفى الكفر وأهله، ثم قال: لما كررنا عليهم أصبنا من أصبنا منهم وتفرقوا في كل وجه، وفاءت لهم فئة بعد، فتشاورت قريش، فقالوا: لنا الغلبة، فلو انصرفنا فإنه بلغنا أن ابن أبي انصرف بثلث الناس، وقد تخلف الناس من الأوس والخزرج، ولا نأمن أن يكروا علينا، وفينا جراح، وخيلنا عامتها قد عقرت من النبل، فمضينا، فما بلغنا الروحاء (1) حتى قام علينا عدة منها، وانصرفنا إلى مكة.
قال الواقدي: حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عائشة، قال: سمعت أبا بكر يقول: لما كان يوم أحد ورمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه حتى دخلت في وجهه حلقتان من المغفر أقبلت أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طلحة بن عبيد الله، حتى توافينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أبو عبيدة بن الجراح فبدرني فقال: أسألك بالله يا أبا بكر إلا تركتني فانتزعه من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر:
فتركته. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم صاحبكم " يعنى طلحة، فأخذ أبو عبيده بثنيته حلقة المغفر، فنزعها وسقط على ظهره، وسقطت ثنية أبى عبيدة، ثم أخذ الحلقة بثنيته الأخرى، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم (2). ويقال: أن الذي نزع الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن وهب بن كلدة، ويقال: أبو اليسر.
قال الواقدي: وأثبت ذلك عندنا عقبة بن وهب بن كلدة.
قال الواقدي: وكان أبو سعيد الخدري يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم