يحتشم ويستحيا من ذكره بالفرار وما شابهه من العيب فيضطر، القائل إلى الكناية إلا هما قلت له: هذا وهم (1)، فقال: دعنا من جدلك ومنعك، ثم حلف أنه ما عنى الواقدي غيرهما، وإنه لو كان غيرهما لذكره صريحا، وبان في وجهه التنكر من مخالفتي له.
* * * روى الواقدي قال: لما صاح إبليس: أن محمدا قد قتل، تفرق الناس فمنهم من ورد المدينة، فكان أول من وردها يخبر أن محمدا قد قتل، سعد بن عثمان أبو عبادة، ثم ورد بعده رجال حتى دخلوا على نسائهم حتى جعل النساء يقلن: أعن رسول الله تفرون!
ويقول لهم ابن أم مكتوم: أعن رسول الله تفرون؟ يؤنب بهم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله خلفه بالمدينة يصلي بالناس، ثم قال دلوني على الطريق - يعنى طريق أحد - فدلوه، فجعل يستخبر كل من لقي في الطريق حتى لحق القوم، فعلم بسلامة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع. وكان ممن ولى عمر وعثمان والحارث بن حاطب وثعلبه بن حاطب وسواد بن غزية وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان وخارجة بن عمر بلغ ملل (2)، وأوس بن قيظي في نفر من بني حارثة بلغوا الشقرة (3) ولقيتهم أم أيمن تحثي (3) في وجوههم التراب وتقول لبعضهم: هاك المغزل فاغزل به، وهلم. واحتج من قال بفرار عمر بما رواه الواقدي في كتاب المغازي في قصة الحديبية، قال: قال عمر يومئذ:
يا رسول الله، ألم تكن حدثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام وتأخذ مفتاح الكعبة وتعرف مع المعرفين، وهدينا لم يصل إلى البيت ولا نحر! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أقلت لكم في سفركم هذا؟ قال عمر: لا، قال: أما إنكم ستدخلونه وآخذ مفتاح الكعبة وأحلق رأسي ورؤوسكم ببطن مكة وأعرف مع المعرفين، ثم أقبل على عمر وقال: أنسيتم يوم