المنصور إذا ذكرهم يقول: كان عبد الملك جبارا لا يبالي ما صنع، وكان الوليد مجنونا، وكان سليمان همه بطنه وفرجه، وكان عمر أعور بين عميان، وكان هشام رجل القوم، وكان لا يذكر ابن عاتكة، ولقد كان هشام مع ما استثناه به يقول: هو الأحول السراق، ما زال يدخل إعطاء الجند شهرا في شهر وشهرا في شهر، حتى أخذ لنفسه مقدار رزق سنة، وأنشده أبو النجم العجلي أرجوزته التي أولها:
* الحمد لله الوهوب المجزل * فما زال يصفق بيديه استحسانا لها حتى صار إلى ذكر الشمس، فقال:
* والشمس في الأفق كعين الأحول * فأمر بوجئ (1) عنقه وإخراجه، وهذا ضعف شديد وجهل عظيم.
وقال خاله إبراهيم بن هشام المخزومي: ما رأيت من هشام خطأ قط إلا مرتين:
حدا به الحادي مرة فقال:
إن عليك أيها البختي * أكرم من تمشي به المطي فقال: صدقت. وقال مرة: والله لأشكون سليمان يوم القيامة إلى أمير المؤمنين عبد الملك. وهذا ضعف شديد وجهل مفرط.
وقال أبو عثمان: وكان هشام يقول: والله إني لأستحي أن أعطى رجلا أكثر من أربعة آلاف درهم، ثم أعطى عبد الله بن الحسن أربعة آلاف دينار فاعتدها في جوده وتوسعه، وإنما اشترى بها ملكه، وحصن بها عن نفسه وما في يديه. قال له أخوه مسلمة:
أتطمع أن تلي الخلافة وأنت بخيل جبان! فقال: ولكني حليم عفيف، فاعترف بالجبن والبخل، وهل تقوم الخلافة مع واحد منهما! وإن قامت فلا تقوم إلا مع الخطر العظيم، والتغرير الشديد. ولو سلمت من الفساد لم تسلم من العيب.