شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ٢٥٤
ولقد قدم المنصور عليهم عمر بن عبد العزيز بقوله: أعور بين عميان، وزعمتم أنه كان ناسكا ورعا تقيا، فكيف وقد جلد خبيب بن عبد الله بن الزبير مائة جلدة، وصب على رأسه جرة من ماء بارد في يوم شات، حتى كز (1) فمات، فما أقر بدمه، ولا خرج إلى وليه من حقه، ولا أعطى عقلا ولا قودا، ولا كان خبيب ممن أتت عليه حدود الله وأحكامه وقصاصه، فيقال كان مطيعا بإقامتها، وأنه أزهق الحد نفسه! واحتسبوا الضرب كان أدبا وتعزيرا، فما عذره في الماء البارد في الشتاء، على أثر جلد شديد! ولقد بلغه أن سليمان بن عبد الملك يوصي، فجاء حتى جلس على طريق من يجلس عنده أو يدخل إليه، فقال لرجاء بن حياة في بعض من يدخل ومن يخرج: نشدتك الله أن تذكرني لهذا الامر، أو تشير بي في هذا الشأن، فوالله ما لي عليه من طاقة! فقال له رجاء:
قاتلك الله، ما أحرصك عليها!
ولما جاء الوليد بن عبد الملك بنعي الحجاج، قال له الوليد: مات الحجاج يا أبا حفص؟
فقال: وهل كان الحجاج إلا رجلا منا أهل البيت! وقال في خلافته: لولا بيعة في أعناق الناس ليزيد بن عاتكة لجعلت هذا الامر شورى بين صاحب الأعوص إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد الأشدق وبين أحمس قريش القاسم بن محمد بن أبي بكر، وبين سالم بن عبد الله بن عمر، فما كان عليه من الضرر والحرج، وما كان عليه من الوكف (2) والنقص أن لو قال: بين علي بن العباس وعلي بن الحسين بن علي! وعلى أنه لم يرد التيمي ولا العدوي، وإنما دبر الامر للأموي، ولم يكن عنده أحد من هاشم يصلح للشورى، ثم دبر الامر ليبايع لأخيه أبى بكر بن عبد العزيز من بعده حتى عوجل بالسم.
وقدم عليه عبد الله بن حسن بن حسن، فلما رأى كماله وبيانه وعرف نسبه ومركبه

(1) كز، أي أصابه كزاز، كغراب ورمان، وهو داء يجيئ من شدة البرد.
(2) الوكف، محركة: الاثم.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285