شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ٢٥٥
وموضعه وكيف ذلك من قلوب المسلمين وفي صدور المؤمنين لم يدعه يبيت بالشام ليلة واحدة، وقال له: الحق بأهلك، فإنك لم تغنهم شيئا هو أنفس منك ولا أرد عليهم من حياتك. أخاف عليك طواعين الشام، وستلحقك الحوائج على ما تشتهي وتحب.
وإنما كره أن يروه ويسمعوا كلامه، فلعله يبذر في قلوبهم بذرا، ويغرس في صدورهم غرسا، وكان أعظم الخلق قولا بالجبر حتى يتجاوز الجهمية، ويربي على كل ذي غاية، صاحب شنعة، وكان يصنع في ذلك الكتب، مع جهله بالكلام وقلة اختلافه إلى أهل النظر. وقال له شوذب الخارجي: لم لا تلعن رهطك وتذكر أباك إن كانوا عندك ظلمة فجرة؟ فقال عمر: متى عهدك بلعن فرعون! قال ما لي به عهد. قال: أفيسعك أن تمسك عن لعن فرعون، ولا يسعني أن أمسك عن لعن آبائي! فرأى أنه قد خصمه (1) وقطع حجته، وكذلك يظنه كل من قصر عن مقدار العالم، وجاوز مقدار الجاهل، وأي شبه لفرعون بأل مروان وآل أبي سفيان! هؤلاء قوم لهم حزب وشيعة، وناس كثير يدينون بتفضيلهم وقد اعتورتهم الشبه في أمرهم، وفرعون على خلاف ذلك، وضده لا شيعة له ولا حزب ولا نسل ولا موالي ولا صنائع ولا في أمره شبهة.
ثم إن عمر ظنين (2) في أمر أهله فيحتاج إلى غسل ذلك عنه بالبراءة منهم، وشوذب ليس بظنين في أمر فرعون، وليس الامساك عن لعن فرعون والبراءة منه مما يعرفه الخوارج، فكيف استويا عنده!
وشكا إليه رجل من رهطه دينا فادحا، وعيالا كثيرا، فاعتل عليه، فقال له:
فهلا اعتللت على عبد الله بن الحسن! قال: ومتى شاورتك في أمري! قال: أو مشيرا

(1) خصمه: غلبه.
(2) الظنين: المتهم.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285