وقال الشعبي: لو ولد لي مائة ابن لسميتهم كلهم عبد الرحمن، للذي رأيت في قريش من أصحاب هذا الاسم، ثم عد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص، فأما عبد الرحمن بن عتاب فإنه صاحب الخيل يوم الجمل، وهو صاحب الكف والخاتم، وهو الذي مر به علي وهو قتيل فقال: لهفي عليك يعسوب قريش، هذا اللباب المحض من بني عبد مناف!
فقال له قائل: لشد ما أتيته اليوم يا أمير المؤمنين! قال: أنه قام عني وعنه نسوة لم يقمن عنك.
قالوا: ولنا من الخطباء معاوية بن أبي سفيان، أخطب الناس قائما وقاعدا، وعلى منبر، وفي خطبة نكاح. وقال عمر بن الخطاب: ما يتصعدني شئ من الكلام كما يتصعدني خطبة النكاح، وقد يكون خطيبا من ليس عنده في حديثه ووصفه للشئ احتجاجه في الامر لسان بارع. وكان معاوية يجري مع ذلك كله.
قالوا: ومن خطبائنا يزيد بن معاوية كان أعرابي اللسان، بدوي اللهجة، قال معاوية: وخطب عنده خطيب فأجاد: لأرمينه بالخطيب الأشدق يريد يزيد بن معاوية، ومن خطبائنا سعيد بن العاص، لم يوجد كتحبيره تحبير، ولا كارتجاله ارتجال.
ومنا عمرو بن سعيد الأشدق، لقب بذلك لأنه حيث دخل على معاوية وهو غلام بعد وفاة أبيه، فسمع كلامه، فقال: إن ابن سعيد هذا الأشدق.
وقال له معاوية: إلى من أوصى بك أبوك؟ قال: إن أبى أوصى إلي ولم يوص بي، قال: فبم أوصى إليك؟ قال: ألا يفقد إخوانه منه إلا وجهه.
قالوا: ومنا سعيد بن عمرو بن سعيد، خطيب ابن خطيب ابن خطيب، تكلم الناس عند عبد الملك قياما وتكلم قاعدا. قال عبد الملك: فتكلم وأنا والله أحب عثرته وإسكاته، فأحسن حتى استنطقته واستزدته، وكان عبد الملك خطيبا، خطب