تحتاج إلى عدد أو إلى شاهد. والذين بلغوا في ذلك الزمان أقصى ما يمكن صاحب خف وحافر أن يبلغه، حتى لم يحتجز منهم إلا ببحر أو خليج بحر أو غياض أو عقاب أو حصون وصياصي ثلاثة رجال: قتيبة بن مسلم بخراسان، وموسى بن نصير بإفريقية، والقاسم بن محمد بن القاسم الثقفي بالسند والهند، وهؤلاء كلهم عمالنا وصنائعنا. ويقال: إن البصرة كانت صنائع ثلاثة رجال: عبد الله بن عامر، وزياد، والحجاج، فرجلان من أنفسنا والثالث صنيعنا.
قالوا: ولنا في الأجواد وأهل الاقدار بنو عبد الله بن خالد بن أسيد بن أمية، وأخوه خالد، وفي خالد يقول الشاعر:
إلى خالد حتى أنخنا بخالد * فنعم الفتى يرجى ونعم المؤمل!
ولنا سعيد بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وهو عقيد الندى، كان يسبت ستة أشهر ويفيق ستة أشهر، ويرى كحيلا من غير اكتحال، ودهينا من غير تدهين، وله يقول موسى شهوات:
أبا خالد أعني سعيد بن خالد * أخا العرف لا أعني ابن بنت سعيد (1) ولكنني أعني ابن عائشة الذي * أبو أبويه خالد بن أسيد عقيد الندى ما عاش يرضى به الندى * فإن مات لم يرض الندى بعقيد (2) قالوا: وإنما تمكن فينا الشعر وجاد، ليس من قبل أن الذين مدحونا ما كانوا غير من مدح الناس، ولكن لما وجدوا فينا مما يتسع لأجله القول، ويصدق فيه القائل.
قد مدح عبد الله بن قيس الرقيات من الناس: آل الزبير عبد الله ومصعبا وغيرهما، فكان يقول كما يقول غيره، فلما صار إلينا قال:
ما نقموا من بني أمية إلا * أنهم يحلمون إن غضبوا (3)