الناس مرة فقال: ما أنصفتمونا معشر رعيتنا، طلبتم منا أن نسير فيكم وفي أنفسنا سيرة أبى بكر وعمر في أنفسهما ورعيتهما، ولم تسيروا فينا ولا في أنفسكم سيرة رعية أبى بكر وعمر فيهما وفي أنفسهما، ولكل من النصفة نصيب. قالوا: فكانت خطبته نافعه.
قالوا: ولنا زياد وعبيد الله بن زياد، وكانا غنيين في صحة المعاني، وجودة اللفظ، ولهما كلام كثير محفوظ.
قالوا: ومن خطبائنا سليمان بن عبد الملك والوليد بن يزيد بن عبد الملك.
ومن خطبائنا ونساكنا يزيد بن الوليد الناقص. قال عيسى بن حاضر: قلت لعمرو بن عبيد: ما قولك في عمر بن عبد العزيز؟ فكلح (1)، ثم صرف وجهه عني. قلت: فما قولك في يزيد الناقص؟ فقال: أو الكامل، قال بالعدل، وعمل بالعدل، وبذل نفسه وقتل ابن عمه في طاعة ربه، وكان نكالا لأهله، ونقص من أعطياتهم ما زادته الجبابرة، وأظهر البراءة من آبائه، وجعل في عهده شرطا ولم يجعله جزما، لا والله لكأنه ينطق عن لسان أبي سعيد - يريد الحسن البصري - قال: وكان الحسن من أنطق الناس.
قالوا: وقد قرئ في الكتب القديمة: يا مبذر الكنوز، يا ساجدا بالأسحار، كانت ولايتك رحمة بهم، وحجة عليهم. قالوا: هو يزيد بن الوليد.
ومن خطبائنا ثم من ولد سعيد بن العاص عمرو بن خولة، كان ناسبا فصيحا خطيبا.
وقال ابن عائشة الأكبر: ما شهد خطيبا قط إلا ولجلج هيبة له ومعرفة بانتقاده.
ومن خطبائنا عبد الله بن عامر، وعبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، وكانا من أكرم الناس، وأبين الناس، كان مسلمة بن عبد الملك يقول: إني لأنحي كور عمامتي على أذني لأسمع كلام عبد الأعلى.