والله ما كنت لأطيعه في الملا وأعصيه في الخلاء - وعمر يسمع ذلك - فقال: يا أسلم اعرف الباب، ثم مضى في عسه، فلما أصبح قال: يا أسلم امض إلى الموضع، فانظر من القائلة ومن المقول لها؟ وهل لهما من بعل؟
قال أسلم: فأتيت الموضع، فنظرت فإذا الجارية أيم وإذا المتكلمة بنت لها، ليس لهما رجل.
فجئت فأخبرته، فجمع عمر ولده، وقال: هل يريد أحد أن يتزوج فأزوجه امرأة صالحة فتاة لو كان في أبيكم حركة إلى النساء لم يسبقه أحد إليها؟ فقال عاصم ابنه: أنا، فبعث إلى الجارية فزوجها ابنه عاصما، فولدت له بنتا هي المكناة أم عاصم وهي أم عمر بن عبد العزيز بن مروان.
* * * حج عمر فلما كان بضجنان (1) قال لا إله إلا الله العلي العظيم، المعطى ما يشاء لمن يشاء أذكر وأنا أرعى إبل الخطاب بهذا الوادي في مدرعة صوف - وكان فظا يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت - وقد أمسيت اليوم وليس بيني وبين الله أحد ثم تمثل:
لا شئ مما يرى تبقى بشاشته * يبقى الاله، ويؤدي المال والولد لم تغن عن هرمز يوما خزائنه * والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سليمان إذ تجرى الرياح له * والانس والجن فيما بينها يرد أين الملوك التي كانت منازلها * من كل أوب إليها راكب يفد حوض هنالك مورود بلا كذب * لا بد من ورده يوما كما وردوا.