حدثني بذلك فخار بن معد الموسوي الأودي الشاعر، وسألت عنه النقيب أبا جعفر يحيى ابن أبي زيد العلوي، فقال لي: هو عمر، فقلت له أيثني عليه أمير المؤمنين عليه السلام هذا الثناء؟ فقال: نعم اما الامامية فيقولون: إن ذلك من التقية واستصلاح أصحابه واما الصالحيون (1) من الزيدية فيقولون: انه اثنى عليه حق الثناء، ولم يضع المدح الا في موضعه ونصابه. واما الجارودية (2) من الزيدية فيقولون: انه كلام قاله في أمر عثمان أخرجه مخرج الذم له، والتنقص (3) لأعماله، كما يمدح الان الأمير الميت في أيام الأمير الحي بعده، فيكون ذلك تعريضا به.
فقلت له الا انه لا يجوز التعريض والاستزادة للحاضر بمدح الماضي، الا إذا كان ذلك المدح صدقا لا يخالطه ريب ولا شبهة. فإذا اعترف أمير المؤمنين بأنه أقام السنة وذهب نقى الثوب، قليل العيب، وانه أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه فهذا غاية ما يكون من المدح وفيه ابطال قول من طعن على عثمان بن عفان.
فلم يجبني بشئ وقال هو ما قلت لك.
فاما الراوندي فإنه قال في الشرح انه عليه السلام مدح بعض أصحابه بحسن السيرة وأن الفتنة هي التي وقعت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من الاختيار والإثرة.
وهذا بعيد لان لفظ أمير المؤمنين يشعر اشعارا ظاهرا بأنه يمدح واليا ذا رعية وسيرة الا تراه كيف يقول (فلقد قوم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلف الفتنة) وكيف يقول (أصاب خيرها وسبق شرها) وكيف يقول (أدى إلى الله طاعته) وكيف يقول (رحل وتركهم في طرق متشعبة).