شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٤
حدثني بذلك فخار بن معد الموسوي الأودي الشاعر، وسألت عنه النقيب أبا جعفر يحيى ابن أبي زيد العلوي، فقال لي: هو عمر، فقلت له أيثني عليه أمير المؤمنين عليه السلام هذا الثناء؟ فقال: نعم اما الامامية فيقولون: إن ذلك من التقية واستصلاح أصحابه واما الصالحيون (1) من الزيدية فيقولون: انه اثنى عليه حق الثناء، ولم يضع المدح الا في موضعه ونصابه. واما الجارودية (2) من الزيدية فيقولون: انه كلام قاله في أمر عثمان أخرجه مخرج الذم له، والتنقص (3) لأعماله، كما يمدح الان الأمير الميت في أيام الأمير الحي بعده، فيكون ذلك تعريضا به.
فقلت له الا انه لا يجوز التعريض والاستزادة للحاضر بمدح الماضي، الا إذا كان ذلك المدح صدقا لا يخالطه ريب ولا شبهة. فإذا اعترف أمير المؤمنين بأنه أقام السنة وذهب نقى الثوب، قليل العيب، وانه أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه فهذا غاية ما يكون من المدح وفيه ابطال قول من طعن على عثمان بن عفان.
فلم يجبني بشئ وقال هو ما قلت لك.
فاما الراوندي فإنه قال في الشرح انه عليه السلام مدح بعض أصحابه بحسن السيرة وأن الفتنة هي التي وقعت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من الاختيار والإثرة.
وهذا بعيد لان لفظ أمير المؤمنين يشعر اشعارا ظاهرا بأنه يمدح واليا ذا رعية وسيرة الا تراه كيف يقول (فلقد قوم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلف الفتنة) وكيف يقول (أصاب خيرها وسبق شرها) وكيف يقول (أدى إلى الله طاعته) وكيف يقول (رحل وتركهم في طرق متشعبة).

(1) الصالحيون من الزيدية: أصحاب الحسن بن صالح وانظر آرائهم في الملل والنحل للشهرستاني 143 (2) الجارودية من الزيدية أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد الملل والنحل للشهرستاني 140 (3) كذا في ب وفي ا (النقض).
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281