شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٨٠
وقالوا: والحديث الذي مضمونه لو لم أبعث فيكم لبعث عمر فيلزم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله عذابا على عمر وأذى شديدا له لأنه لو لم يبعث لبعث عمر نبيا ورسولا ولم تعلم رتبة أجل من رتبة الرسالة فالمزيل لعمر عن هذه الرتبة التي ليس وراءها رتبة ينبغي ألا يكون في الأرض أحد أبغض إليه منه!.
قالوا واما كونه سراج أهل الجنة فيقتضى أنه لو لم يكن تجلى عمر لكانت الجنة مظلمة لا سراج لها.
قالوا وكيف يجوز أن يقال لو نزل العذاب لم ينج منه إلا عمر والله تعالى يقول ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾ (1).
قالوا وكيف يجوز أن يقال إن النبي صلى الله عليه وآله كان يسمع الباطل ويحبه ويشهده وعمر لا يسمع الباطل ولا يشهده ولا يحبه! أليس هذا تنزيها لعمر عما لم ينزه عنه رسول الله صلى الله عليه وآله!.
قالوا: ومن العجب أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أرجح من الأمة يسيرا وكذلك أبو بكر ويكون عمر أرجح منهما كثيرا! فان هذا يقتضى أن يكون فضله أبين وأظهر من فضل أبى بكر ومن فضل رسول الله صلى الله عليه وآله!.
والجواب أنه ليس يجب فيمن كان محدثا ملهما أن يكون محدثا ملهما في كل شئ بل الاعتبار بأكثر أفعاله وظنونه وآرائه ولقد كان عمر كثير التوفيق مصيب الرأي في جمهور أمره ومن تأمل سيرته علم صحه ذلك ولا يقدح في ذلك أن يختلف ظنه في القليل من الأمور.
وأما الفرار من الزحف فإنه لم يفر إلا متحيزا (2) إلى فئة وقد استثنى الله تعالى ذلك فخرج به عن الاثم.

(١) سورة الأنفال ٣٣ (2) هو قوله تعالى في سورة الأنفال 16:
(ومن يولهم يومئذ دبره إلا منحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله)
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281