شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٧٩
وقد رووا في فضله حديثا كثيرا غير هذا ولكنا ذكرنا الأشهر وقد طعن أعداؤه ومبغضوه في هذه الأحاديث فقالوا: لو كان محدثا وملهما لما اختار معاوية الفاسق لولاية الشام ولكن الله تعالى قد ألهمه وحدثه بما يواقع من القبائح والمنكرات والبغي والتغلب على الخلافة والاستئثار بمال الفئ وغير ذلك من المعاصي الظاهرة قالوا: وكيف لا يزال الشيطان يسلك فجا غير فجه وقد فر مرارا من الزحف في أحد وحنين وخيبر والفرار من الزحف من عمل الشيطان وإحدى الكبائر الموبقة.
قالوا: وكيف يدعى له أن السكينة تنطق على لسانه: أترى كانت السكينة تلاحي رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية حتى أغضبه!.
قالوا: ولو كان ينطق على لسانه ملك أو بين عينيه ملك يسدده ويوفقه أو ضرب الله بالحق على لسانه وقلبه لكان نظيرا لرسول الله صلى الله عليه وآله بل كان أفضل منه لأنه صلى الله عليه وآله كان يؤدى الرسالة إلى الأمة عن ملك من الملائكة وعمر قد كان ينطق على لسانه ملك وزيد ملكا آخر بين عينيه يسدده ويوفقه فهذا الملك الثاني مما قد فضل به على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان حكم في أشياء فيخطئ فيها حتى يفهمه إياها علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وغيرهما حتى قال لولا على لهلك عمر ولولا معاذ لهلك عمر وكان يشكل عليه الحكم فيقول لابن عباس غص يا غواص فيفرج عنه فأين كان الملك الثاني المسدد له! وأين الحق الذي ضرب به على لسان عمر؟ ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان ينتظر في الوقائع نزول الوحي وعمر على مقتضى هذه الأخبار لا حاجة به إلى نزول ملك عليه لان الملكين معه في كل وقت وكل حال ملك ينطق على لسانه وملك آخر بين عينيه يسدده ويوفقه وقد عززا بثالث وهي السكينة فهو إذا أفضل من رسول الله صلى الله عليه وآله!.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281