ثم عاد إلى تقرير الكلام الأول وهو وجوب الحق له وعليه فقال إنه لا يجرى لأحد الا وجرى عليه وكذلك لا يجرى عليه الا وجرى له أي ليس ولا واحد من الموجودين بمرتفع عن أن يجرى الحق عليه ولو كان أحد من الموجودين كذلك لكان أحقهم بذلك البارئ سبحانه لأنه غاية الشرف بل هو فوق الشرف وفوق الكمال والتمام وهو مالك الكل وسيد الكل فلو كان لجواز هذه القضية وجه ولصحتها مساغ لكان البارئ تعالى أولى بها وهي الا يستحق عليه شئ وتقدير الكلام لكنه يستحق عليه أمور فهو في هذا الباب كالواحد منا يستحق و يستحق عليه ولكنه عليه السلام حذف هذا الكلام المقدر أدبا وإجلالا لله تعالى أن يقول إنه يستحق عليه شئ.
فان قلت فما بال المتكلمين لا يتأدبون بأدبه عليه السلام وكيف يطلقون عليه تعالى الوجوب والاستحقاق.
قلت ليست وظيفة المتكلمين وظيفة أمير المؤمنين عليه السلام في عباراتهم هؤلاء أرباب صناعة وعلم يحتاج إلى ألفاظ واصطلاح لا بد لهم من استعماله للأفهام والجدل بينهم وأمير المؤمنين امام يخطب على منبره يخاطب عربا ورعية ليسوا من أهل النظر ولا مخاطبته لهم لتعليم هذا العلم بل لاستنفارهم إلى حرب عدوه فوجب عليه بمقتضى الأدب أن يتوقى كل لفظة توهم ما يستهجنه السامع في الأمور الإلهية وفي غيرها.
فان قلت فما هذه الأمور التي زعمت أنها تستحق على البارئ سبحانه وأن أمير المؤمنين عليه السلام حذفها من اللفظ واللفظ يقتضيها.
قلت الثواب والعوض و قبول التوبة واللطف والوفاء بالوعد والوعيد وغير ذلك مما يذكره أهل العدل.