كثرة اللطام وشدة السباب ولو كان ما يقوله أصحاب المثالب حقا لما كان على ظهرها عربي كما قال عبد الملك بن صالح الهاشمي إن كان ما يقول بعض في بعض حقا فما فيهم صحيح وإن كان ما يقول بعض المتكلمين في بعض حقا فما فيهم مسلم.
* * * قوله عليه السلام: (الا وإن الله قد جعل للخير أهلا وللحق دعائم وللطاعة عصما) الدعائم ما يدعم بها البيت لئلا يسقط والعصم جمع عصمة وهو ما يحفظ به الشئ ويمنع فأهل الخير هم المتقون ودعائم الحق الأدلة الموصلة إليه المثبتة له في القلوب وعصم الطاعة هي الإدمان على فعلها والتمرن على الاتيان بها لان المرون على الفعل يكسب الفاعل ملكة تقتضي سهولته عليه والعون هاهنا هو اللطف المقرب من الطاعة المبعد من القبيح.
ثم قال عليه السلام (انه يقول على الألسنة ويثبت الأفئدة) وهذا من باب التوسع والمجاز لأنه لما كان مستهلا للقول أطلق عليه انه يقول على الألسنة ولما كان الله تعالى هو الذي يثبت الأفئدة كما قال (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) (1) نسب التثبيت إلى اللطف لأنه من فعل الله تعالى كما ينسب الانبات إلى المطر وإنما المنبت للزرع هو الله تعالى والمطر فعله.
ثم قال عليه السلام (فيه كفاء لمكتف وشفاء لمشتف) والوجه فيه (كفاية) فان الهمز لا وجه له هاهنا لأنه من باب آخر ولكنه أتى بالهمزة للازدواج بين (كفاء)