وإذا حكم عدل وإذا وعد أنجز إن الله لم يحرم لبوسا ولا مطعما ثم قرا ﴿قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق الآية...﴾ (1) الآية.
وهذا القول مخالف للقانون الذي أشار أمير المؤمنين إليه وللفلاسفة في هذا الباب كلام لا باس به وقد أشار إليه أبو علي بن سينا في كتاب (الإشارات) وعليه يتخرج قولا أمير المؤمنين وعلي بن موسى الرضى عليهما السلام قال أبو علي في مقامات العارفين (العارفون قد يختلفون في الهمم بحسب ما يختلف فيهم من الخواطر على حسب ما يختلف عندهم من دواعي العبر فربما استوى عند العارف القشف الترف بل ربما آثر القشف وكذلك ربما سوى عنده التفل والعطر بل ربما آثر التفل وذلك عندما يكون الهاجس بباله استحقار ما عدا الحق وربما صغا إلى الزينة وأحب من كل شئ عقيلته (2) وكره الخداج والسقط وذلك عندما يعتبر عادته من صحبته الأحوال الظاهرة فهو يرتاد إليها في كل شئ لأنه مزية خطوة من العناية الأولى وأقرب أن يكون من قبيل ما عكف عليه بهواه وقد يختلف هذا في عارفين وقد يختلف في عارف بحسب وقتين.
واعلم أن الذي رويته عن الشيوخ ورايته بخط عبد الله بن أحمد بن الخشاب رحمه الله أن الربيع بن زياد الحارثي اصابته نشابة في جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام فاتاه علي عليه السلام عائدا فقال كيف تجدك أبا عبد الرحمن قال أجدني يا أمير المؤمنين لو كان لا يذهب ما بي الا بذهاب بصرى لتمنيت ذهابه قال وما قيمة بصرك عندك قال لو كانت لي الدنيا لفديته بها قال لا جرم ليعطينك الله على قدر ذلك إن الله تعالى يعطى على قدر الألم والمصيبة وعنده تضعيف كثير قال الربيع