حين أحس بالعطب وعلو كلمة أهل الحق الزموا أمير المؤمنين عليه السلام بوضع أوزار الحرب وكف الأيدي عن القتال وكانوا في ذلك على أقسام فمنهم من دخلت عليه الشبهة برفع المصاحف وغلب على ظنه أن أهل الشام لم يفعلوا ذلك خدعة وحيلة بل حقا ودعاء إلى الدين وموجب الكتاب فرأى أن الاستسلام للحجة أولى من الاصرار على الحرب.
ومنهم من كان قد مل الحرب وآثر السلم فلما رأى شبهة ما يسوغ التعلق بها في رفض المحاربة وحب العافية أخلد إليهم.
ومنهم من كان يبغض عليا عليه السلام بباطنه ويطيعه بظاهره كما يطيع كثير من الناس السلطان في الظاهر ويبغضه بقلبه فلما وجدوا طريقا إلى خذلانه وترك نصرته أسرعوا نحوها فاجتمع جمهور عسكره عليه وطالبوه بالكف وترك القتال فامتنع امتناع عالم بالمكيدة وقال لهم انها حيلة وخديعة وأني أعرف بالقوم منكم انهم ليسوا بأصحاب قرآن ولا دين قد صحبتهم وعرفتهم صغيرا وكبيرا فعرفت منهم الاعراض عن الدين والركون إلى الدنيا فلا تراعوا برفع المصاحف وصمموا على الحرب وقد ملكتموهم فلم يبق منهم الا حشاشة ضعيفة وذماء قليل فأبوا عليه وألحوا وأصروا على القعود والخذلان وأمروه بالانفاذ إلى المحاربين من أصحابه وعليهم الأشتر أن يأمرهم بالرجوع وتهددوه إن لم يفعل باسلامه إلى معاوية فأرسل إلى الأشتر يأمره بالرجوع وترك الحرب فأبى عليه فقال كيف ارجع وقد لاحت أمارات الظفر فقولوا له (ليمهلني ساعة واحدة) ولم يكن علم صورة الحال كيف قد وقعت فلما عاد إليه الرسول بذلك غضبوا ونفروا وشغبوا وقالوا أنفذت إلى الأشتر سرا وباطنا تأمره بالتصميم وتنهاه عن الكف وإن لم تعده الساعة والا قتلناك كما قتلنا عثمان فرجعت الرسل إلى الأشتر فقالوا له ا تحب أن تظفر بمكانك وأمير المؤمنين قد سل عليه