فجرعهم كأسا لو ابتليت لظى * بتجريعه طارت كأسرع ذاهب.
كأس وأي كأس تصطلمهم عنهم وتفنيهم وتخطفهم منهم ولا تبقيهم كأس لا تبقى ولا تذر تمحو بالكلية ولا تبقى شظيه من آثار البشرية كما قال قائلهم ساروا فلم يبق لا عين ولا أثر (1).
وقال القشيري أيضا هي ثلاث مراتب اللوائح ثم اللوامع ثم الطوالع فاللوائح كالبروق ما ظهرت حتى استترت كما قال القائل:
فافترقنا حولا فلما التقينا * كان تسليمه على وداعا وأنشدوا يا ذا الذي زار وما زارا * كأنه مقتبس نارا مر بباب الدار مستعجلا * ما ضره لو دخل الدارا.
ثم اللوامع وهي أظهر من اللوائح وليس زوالها بتلك السرعة فقد تبقى وقتين وثلاثة ولكن كما قيل العين باكية لم تشبع النظرا أو كما قالوا:
وبلائي من مشهد ومغيب * وحبيب منى بعيد قريب لم ترد ماء وجهه العين حتى * شرقت قبل ريها برقيب.
فأصحاب هذا المقام بين روح وفوح لأنهم بين كشف وستر يلمع ثم يقطع لا يستقر لهم نور النهار حتى تكر عليه عساكر الليل فهم كما قيل والليل يشملنا بفاضل برده * والصبح يلحفنا رداء مذهبا.
ثم الطوالع وهي أبقى وقتا وأقوى سلطانا وأدوم مكثا وأذهب للظلمة وأنفى للمهمة. (2)