الأصل:
أيها الناس، إن الدنيا تغر المؤمل لها، والمخلد إليها، ولا تنفس بمن نافس فيها، وتغلب من غلب عليها.
وأيم الله ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها، لان الله ليس بظلام للعبيد.
ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد، وأصلح لهم كل فاسد.
وإني لأخشى عليكم أن تكونوا في فترة، وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين، ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء.
وما على إلا الجهد، ولو أشاء أن أقول لقلت: عفا الله عما سلف!
* * * الشرح:
المخلد: المائل إليها، قال تعالى: ﴿ولكنه أخلد إلى الأرض﴾ (1).
ولا تنفس بمن نافس فيها: لا تضن به، أي من نافس في الدنيا فإن الدنيا تهينه ولا تصن به، كما يضن بالعلق النفيس.
ثم قال: (وتغلب من غلب عليها)، أي من غلب على الدنيا مقاهرة فسوف تغلبه الدنيا وتهلكه.
ثم أقسم إنه ما كان قوم في غض نعمة أي في نعمة غضة، أي طرية ناضرة، فزالت عنهم