شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٠ - الصفحة ٢١٣
يتغلب على ظنه أنه يستوجب ذلك، ويصفح عن آخرين قد اجترموا ما يستحقون به التأديب، كل ذلك بقوة اجتهاده وما يؤديه إليه نظره، ولم يكن أمير المؤمنين عليه السلام يرى ذلك، وكان يقف مع النصوص والظواهر، ولا يتعداها إلى الاجتهاد والأقيسة، ويطبق أمور الدنيا على أمور الدين، ويسوق الكل مساقا واحدا، ولا يضيع ولا يرفع إلا بالكتاب والنص، فاختلفت طريقتاهما في الخلافة والسياسة، وكان عمر مع ذلك شديد الغلظة والسياسة، وكان علي عليه السلام كثير الحلم والصفح والتجاوز، فازدادت خلافة ذاك قوة، وخلافة هذا لينا، ولم يمن عمر بما منى به علي عليه السلام من فتنة عثمان، التي أحوجته إلى مداراة أصحابه وجنده ومقاربتهم، للاضطراب الواقع بطريق تلك الفتنة، ثم تلا ذلك فتنة الجمل، وفتنة صفين ثم فتنة النهروان، وكل هذه الأمور مؤثرة في اضطراب أمر الوالي وانحلال معاقد ملكه، ولم يتفق لعمر شئ من ذلك، فشتان بين الخلافتين فيما يعود إلى انتظام المملكة وصحة تدبير الخلافة.!
فإن قلت: فما قولك في سياسة الرسول صلى الله عليه وآله وتدبيره؟ أليس كان منتظما سديدا مع أنه كان لا يعمل إلا بالنصوص والتوقيف من الوحي! فهلا كان تدبير علي عليه السلام وسياسته كذلك! إذا قلتم: أنه كان لا يعمل إلا بالنص، قلت: أما سياسة رسول الله صلى الله عليه وآله وتدبيره فخارج عما نحن فيه، لأنه معصوم لا تتطرق الغفلة إلى أفعاله، ولا واحد من هذين الرجلين بواجب العصمة عندنا. وأيضا فإن كثيرا من الناس ذهبوا إلى أن الله تعالى أذن للرسول صلى الله عليه وآله أن يحكم في الشرعيات وغيرها برأيه، وقال له: احكم بما تراه، فإنك لا تحكم إلا بالحق، وهذا مذهب يونس بن عمران، وعلى هذا فقد سقط السؤال، لأنه صلى الله عليه وآله يعمل بما يراه من المصلحة، ولا ينتظر الوحي.
وأيضا فبتقدير فساد هذا المذهب، أليس قد ذهب خلق كثير من علماء أصول الفقه إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله كان يجوز (1) له أن يجتهد في الاحكام والتدبير، كما يجتهد

(1) ساقط من ب.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 175 - ومن كلام له عليه السلام في معنى طلحة بن عبيد الله 3
2 ذكر ما كان من أمر طلحة مع عثمان 5
3 176 - من خطبة له عليه السلام في خطاب الغافلين فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي 10
4 جملة من أخبار علي بالأمور الغيبة 13
5 177 - من خطبة له عليه السلام يحذر فيها من متابعة الهوى، ثم يبين منزلته القرآن ويطلب متابعته، ثم يحث على الطاعة وحفظ اللسان 16
6 فصل في القرآن وذكر الآثار التي وردت بفضله 20
7 فصل في الآثار الواردة في شديد عذاب جهنم 35
8 فصل في العزلة والاجتماع وما قيل فيهما 37
9 فوائد العزلة 42
10 178 - ومن كلام له عليه السلام في معني الحكمين 55
11 كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص وهو على مصر 56
12 179 - ومن خطبة له عليه السلام يمجد الله ثم يحذر من الدنيا، ويذكر أن زوال النعم من سوء الفعال 58
13 180 - ومن كلامه له عليه السلام في تنزيه الله سبحانه، وقد سأله ذعلب اليماني: هل رأيت ربك؟ 64
14 181 - ومن كلام له عليه السلام في ذم أصحابه 67
15 182 - ومن كلام له عليه السلام في ذم قوم نزعوا للحاق بالخوارج 74
16 183 - من خطبة له في تنزيه الله وذكر آثار قدرته، ثم التذكير بما نزل بالسابقين، ثم أظهر أسفه على إخوانه الذين قتلوا بصفين، مع ذكر بعض أوصافهم 76
17 نوف البكالي 76
18 نسب جعدة بن هبيرة 77
19 نسب العمالقة 93
20 نسب عاد وثمود 94
21 نسب الفراعنة 94
22 نسب أصحاب الرس 94
23 عمار بن ياسر ونبذ من أخباره 102
24 ذكر أبي الهيثم بن التيهان، وطرف من أخباره 107
25 ترجمة ذي الشهادتين، خزيمة بن ثابت 108
26 ذكره سعد بن عبادة ونسبه 111
27 ذكر أبي أيوب الأنصاري ونسبه 112
28 184 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم الله وتمجيده، وذكر القرآن وما احتوى عليه، ثم بيان منزلة الإنسان في الدنيا والتخويف من عذاب الآخرة 113
29 نبذ وأقاويل في التقوى 121
30 طرف وأخبار 125
31 خطبة لأبي الشحماء العسقلاني 126
32 رأى للمؤلف في كتاب نهج البلاغة 128
33 185 - من كلام له في ذم البرج بن مسهر الطائي 130
34 186 - من كلام له عليه السلام في وصف المتقين 132
35 فصل في فضل الصمت والاقتصاد في المنطق 136
36 ذكر الآثار الواردة في آفات اللسان 138
37 ذكر الخوف وما ورد فيه من الآثار 146
38 ذكر بعض أحوال العارفين 161
39 187 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها المنافقين 163
40 188 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وذكر بعض صفاته 170
41 189 - من خطبة له عليه السلام يعظ فيها الناس ويحث على العمل الصالح قبل فوات الأوان 176
42 190 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها بعض مواقفه من الرسول صلى الله عليه وسلم 179
43 ذكر خبر موت الرسول عليه السلام 183
44 191 - من خطبة له عليه السلام فيها تمجيد لله وتعظيم له، وحث للناس على التقوى ووصف للإسلام وحال الناس قبل البعثة 188
45 اختلاف الأقوال في عمر الدنيا 195
46 192 - ومن كلام له عليه السلام يوصى أصحابه 202
47 فصل في ذكر الآثار الواردة في الصلاة وفضلها 205
48 ذكر الآثار الواردة في فضل الزكاة والتصدق 208
49 193 - ومن كلام له عليه السلام في شأن معاوية 211
50 سياسة علي وجريها على سياسة الرسول عليه السلام 212
51 كلام أبي جعفر الحسني في الأسباب التي أوجبت محبة الناس لعلي 223
52 سياسة علي وإيراد كلام للجاحظ في ذلك 227
53 ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها 232
54 194 - من كلام له عليه السلام، في الوعظ، وفيه استطراد لقصة صالح عليه السلام وثمود 261
55 قصة صالح وثمود 262
56 195 - من كلام له عليه السلام عند دفن سيدة النساء فاطمة عليها السلام 265
57 رسالة أبي بكر لعلي في شأن الخلافة رواية أبي حامد المروروذي 271