سهلت لكم القول في وتقدمت بكم إلى الاسراع إلى. والله المستعان.
قال ابن عباس: مهلا، حتى ألقى عليا ثم أحمل إليك على قدر ما رأى. قال عثمان:
افعل فقد فعلت، وطالما طلبت فلا أطلب (1)، ولا أجاب ولا أعتب.
قال ابن عباس: فخرجت فلقيت عليا وإذا به من الغضب والتلظي أضعاف ما بعثمان، فأردت تسكينه فامتنع، فأتيت منزلي وأغلقت بابي، واعتزلتهما.
فبلغ ذلك عثمان فأرسل إلى، فأتيته وقد هدأ غضبه، فنظر إلى ثم ضحك وقال:
يا بن عباس، ما أبطأ بك عنا! إن تركك العود إلينا لدليل على ما رأيت عند صاحبك، وعرفت من حاله، فالله بيننا وبينه، خذ بنا في غير ذلك.
قال ابن عباس: فكان عثمان بعد ذلك إذا أتاه عن علي شئ فأردت التكذيب عنه يقول: ولا يوم الجمعة حين أبطأت عنا وتركت العود إلينا! فلا أدرى كيف أرد عليه.
* * * وروى الزبير بن بكار أيضا في " الموفقيات " عن ابن عباس رحمه الله، قال: خرجت من منزلي سحرا أسابق إلى المسجد وأطلب الفضيلة، فسمعت خلفي حسا وكلاما، فتسمعته، فإذا حس عثمان وهو يدعو ولا يرى أن أحدا يسمعه، ويقول: اللهم قد تعلم نيتي فأعني عليهم، وتعلم الذين ابتليت بهم من ذوي رحمي وقرابتي، فأصلحني لهم، وأصلحهم لي.
قال: فقصرت من خطوتي وأسرع في مشيته، فالتقينا فسلم فرددت عليه، فقال:
إني خرجت ليلتنا هذه أطلب الفضل والمسابقة إلى المسجد، فقلت: إنه أخرجني ما أخرجك، فقال: والله لئن سابقت إلى الخير، إنك لمن سابقين مباركين، وإني لأحبكم وأتقرب إلى الله بحبكم، فقلت: يرحمك الله يا أمير المؤمنين! إنا لنحبك ونعرف سابقتك وسنك وقرابتك وصهرك. قال: يا بن عباس، فما لي ولابن عمك وابن خالي! قلت: أي بنى عمومتي وبنى أخوالك؟ قال: اللهم اغفر! أتسأل مسألة الجاهل!