وقال تعالى: ﴿وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا﴾ (1).
* * * [الثواب والعقاب عند المسلمين وأهل الكتاب] وكل ما في التوراة من الوعد والوعيد فهو لمنافع الدنيا ومضارها، أما منافعها فمثل أن يقول: إن أطعتم باركت فيكم، وكثرت من أولادكم وأطلت أعماركم، وأوسعت أرزاقكم، واستبقيت اتصال نسلكم، ونصرتكم على أعدائكم، وإن عصيتم وخالفتم اخترمتكم ونقصت من آجالكم، وشتت شملكم، ورميتكم بالجوع والمحل، وأذللت أولادكم وأشمت بكم أعداءكم، ونصرت عليكم خصومكم، وشردتكم في البلاد، وابتليتكم بالمرض والذل، ونحو ذلك.
ولم يأت في التوراة وعد ووعيد بأمر يتعلق بما بعد الموت. وأما المسيح عليه السلام، فإنه صرح بالقيامة وبعث الأبدان، ولكن جعل العقاب روحانيا، وكذلك الثواب، أما العقاب فالوحشة والفزع وتخيل الظلمة وخبث النفس وكدرها وخوف شديد، وأما الثواب فما زاد على أن قال: إنهم يكونون كالملائكة، وربما قال: يصعدون إلى ملكوت السماء، وربما قال أصحابه وعلماء ملته: الضوء واللذة والسرور والامن من زوال اللذة الحاصلة لهم. هذا هو قول المحققين منهم، وقد أثبت بعضهم نارا حقيقية، لان لفظة " النار " وردت في الإنجيل، فقال محققوهم: نار قلبية أي نفسية روحانية، وقال الأقلون:
نار كهذه النار. ومنهم من أثبت عقابا غير النار وهو بدني، فقال: الرعدة وصرير الأسنان، فأما الجنة بمعنى الأكل والشرب والجماع، فإنه لم يقل منهم قائل به أصلا، والإنجيل صرح بانتفاء ذلك في القيامة تصريحا لا يبقى بعده ريب لمرتاب، وجاء خاتم الأنبياء محمد