[حديث عن امرئ القيس] وكان من قصة هذا الشعر أن امرأ القيس، لما تنقل في أحياء العرب بعد قتل أبيه نزل على رجل من جديلة طيئ، يقال له طريف (1) بن ملء، فأجاره وأكرمه، وأحسن إليه، فمدحه وأقام عنده. ثم إنه لم يوله نصيبا في الجبلين: أجأ وسلمى، فخاف ألا يكون له منعة، فتحول ونزل على خالد بن سدوس بن أصمع النبهاني، فأغارت بنو جديلة على امرئ القيس وهو في جوار خالد بن سدوس، فذهبوا بإبله، وكان الذي أغار عليه منهم باعث بن حويص، فلما أتى امرئ القيس الخبر، ذكر ذلك لجاره، فقال له: أعطني رواحلك ألحق عليها القوم، فأرد عليك إبلك، ففعل فركب خالد في إثر القوم حتى أدركهم، فقال: يا بنى جديلة، أغرتم على إبل جارى! فقالوا: ما هو لك بحار، قال:
بلى والله وهذه رواحله، قالوا: كذلك! قال نعم: فرجعوا إليه فأنزلوه عنهن، وذهبوا بهن وبالإبل. وقيل: بل انطوى خالد على الإبل فذهب بها، فقال امرؤ القيس:
دع عنك نهبا صيح في حجراته * ولكن حديثا ما حديث الرواحل (2) كأن دثارا حلقت بلبونه * عقاب تنوفي لا عقاب القواعل (3) تلعب باعث بجيران خالد * وأودى دثار في الخطوب الأوائل (4) وأعجبني مشى الحزقة خالد * كمشي أتان حلئت بالمناهل أبت أجأ أن تسلم العام جارها * فمن شاء فلينهض لها من مقاتل تبيت لبوني بالقرية أمنا * وأسرحها غبا بأكناف حائل