وروى الواقدي في كتاب " الشورى " عن ابن عباس رحمه الله، قال: شهدت عتاب عثمان لعلى عليه السلام يوما، فقال له في بعض ما قاله: نشدتك الله أن تفتح للفرقة بابا!
فلعهدي بك وأنت تطيع عتيقا وابن الخطاب طاعتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولست بدون واحد منهما، وأنا أمس بك رحما، وأقرب إليك صهرا، فإن كنت تزعم أن هذا الامر جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، فقد رأيناك حين توفى نازعت ثم أقررت، فإن كانا لم يركبا من الامر جددا، فكيف أذعنت لهما بالبيعة، وبخعت بالطاعة، وإن كانا أحسنا فيما وليا، ولم أقصر عنهما في ديني وحسبي وقرابتي، فكن لي كما كنت لهما.
فقال علي عليه السلام: أما الفرقة، فمعاذ الله أن أفتح لها بابا، وأسهل إليها سبيلا، ولكني أنهاك عما ينهاك الله ورسوله عنه، وأهديك إلى رشدك، وأما عتيق وابن الخطاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لي، فأنت أعلم بذلك والمسلمون، ومالي ولهذا الامر وقد تركته منذ حين! فأما الا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة (1)، وأما أن يكون حقي دونهم فقد تركته لهم، طبت به نفسا، ونفضت يدي عنه استصلاحا. وأما التسوية بينك وبينهما، فلست كأحدهما، إنهما وليا هذا الامر، فظلفا (2) أنفسهما وأهلهما عنه، وعمت فيه وقومك عوم السابح في اللجة، فارجع إلى الله أبا عمرو، وانظر هل بقي من عمرك إلا كظمء الحمار (3). فحتى متى وإلى متى! ألا تنهى سفهاء بنى أمية عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم! والله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركا بينه وبينك.
قال ابن عباس: فقال عثمان: لك العتبى، وافعل واعزل من عمالي كل من تكرهه