لهفي على بقائي فيكم بعد أصحابي، وحياتي فيكم بعد أترابي يا ليتني تقدمت قبل هذا، لكني لا أحب خلاف ما أحبه الله لي عز وجل، إذا شئتم فإن الصادق المصدق محمدا صلى الله عليه وسلم قد حدثني بما هو كائن من أمري وأمركم، وهذا بدء ذلك وأوله، فكيف الهرب مما حتم وقدر! أما إنه عليه السلام قد بشرني في آخر حديثه بالجنة دونكم، إذا شئتم فلا أفلح من ندم!
قال: ثم هم بالنزول فبصر بعلي بن أبي طالب عليه السلام ومعه عمار بن ياسر رضي الله عنه ، وناس من أهل هواه يتناجون فقال: إيها إيها! أسرارا لا جهارا! أما والذي نفسي بيده ما أحنق على جرة، ولا أوتى من ضعف مرة، ولولا النظر لي ولكم، والرفق بي وبكم لعاجلتكم، فقد اغتررتم وأقلتم من أنفسكم.
ثم رفع يديه يدعو ويقول: اللهم قد تعلم حبى للعافية فألبسنيها، وإيثاري للسلامة فآتنيها.
قال: فتفرق القوم عن علي عليه السلام، وقام عدى بن الخيار، فقال: أتم الله عليك يا أمير المؤمنين النعمة، وزادك في الكرامة، والله لان تحسد أفضل من أن تحسد، ولان تنافس أجل من أن تنافس! أنت والله في حسبنا الصميم، ومنصبنا الكريم، إن دعوت أجبت، وإن أمرت أطعت، فقل نفعل، وادع تجب، جعلت الخيرة والشورى إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليختاروا لهم ولغيرهم، وإنهم ليرون مكانك، ويعرفون مكان غيرك، فاختاروك منيبين طائعين، غير مكرهين ولا مجبرين، ما غيرت ولا فارقت ولا بدلت ولا خالفت، فعلام يقدمون عليك، وهذا رأيهم فيك! أنت والله كما قال الأول:
اذهب إليك فما للحسود * إلا طلابك تحت العثار