(149) الأصل:
ومن كلام له عليه السلام قبل موته:
أيها الناس، كل امرئ لاق ما يفر منه في فراره. الاجل مساق النفس، والهرب منه موافاته.
كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الامر، فأبى الله إلا إخفاءه. هيهات!
علم مخزون.
أما وصيتي فالله لا تشركوا به شيئا، ومحمدا صلى الله عليه وسلم فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين، وأوقدوا هذين المصباحين، وخلاكم ذم ما لم تشردوا.
حمل كل امرئ منكم مجهوده، وخفف عن الجهلة، رب رحيم، ودين قويم، وإمام عليم.
أنا بالأمس صاحبكم، وأنا اليوم عبرة لكم، وغدا مفارقكم! غفر الله لي ولكم! إن ثبتت الوطأة في هذه المزلة فذاك، وإن تدحض القدم، فإنا كنا في أفياء أغصان، ومهب رياح، وتحت ظل غمام.
اضمحل في الجو متلفقها، وعفا في الأرض مخطها، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما، وستعقبون منى جثة خلاء، ساكنة بعد حراك، وصامتة بعد نطق.
ليعظكم هدوي، وخفوت إطراقي، وسكون أطرافي ة فإنه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ، والقول المسموع.