ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام، فقلت: والله لا أسأل عن هذا الامر أحدا أقول حدثني فلان حتى أدرى ما يصنع. فتبعته حتى دخل المسجد، فإذا عمار جالس إلى سارية، وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكون، فقال عثمان: يا وثاب على بالشرط، فجاءوا فقال: فرقوا بين هؤلاء، ففرقوا بينهم.
ثم أقيمت الصلاة، فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس. ثم تكلمت، وذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بعثه الله به. ثم قالت:
تركتم أمر الله، وخالفتهم عهده ونحو هذا، ثم صمتت، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك، فإذا هما عائشة وحفصة.
قال: فسلم عثمان، ثم أقبل على الناس، وقال: إن هاتين لفتانتان، يحل لي سبهما، وأنا بأصلهما عالم.
فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا لحبائب رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال:
وفيم أنت! وما هاهنا! ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه، فانسل سعد.
فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان، فلقى عليا عليه السلام بباب المسجد، فقال له عليه السلام: أين تريد؟ قال: أريد هذا الذي كذا وكذا - يعنى سعدا يشتمه - فقال له علي عليه السلام: أيها الرجل، دع عنك هذا. قال فلم يزل بينهما كلام، حتى غضبا، فقال عثمان: ألست الذي خلفك رسول الله صلى الله عليه وسلم له يوم تبوك! فقال على: ألست الفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
قال: ثم حجز الناس بينهما. قال: ثم خرجت من المدينة حتى انتهيت إلى الكوفة، فوجدت أهلها أيضا وقع بينهم شر، ونشبوا في الفتنة، أتيت بلاد قومي.
* * *