وقال القطب الراوندي: يريد أنهم داخلون في عموم قوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا (1).
ولقائل أن يقول: الاشكال إنما وقع في قوله: " لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره " لأنهم حضروا المنكر ولم يدفعوه بلسان ولا يد، فهو علل استحلاله قتلهم بأنهم لم ينكروا المنكر، ولم يعلل ذلك بعموم الآية.
وأما معنى قوله: " دع ما إنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم " فهو أنه لو كان المقتول واحدا لحل لي قتلهم كلهم، فكيف وقد قتلوا من المسلمين عدة مثل عدتهم التي دخلوا بها البصرة! وما هاهنا زائدة.
وصدق عليه السلام، فإنهم قتلوا من أوليائه وخزان بيت المال بالبصرة خلقا كثيرا، بعضهم غدرا، وبعضهم صبرا، كما خطب به عليه السلام.
* * * [ذكر يوم الجمل ومسير عائشة إلى القتال] (2) وروى أبو مخنف قال: حدثنا إسماعيل بن خالد، عن قيس بن أبي حازم. وروى الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس. وروى جرين بن يزيد، عن عامر الشعبي، وروى محمد بن إسحاق، عن حبيب بن عمير، قالوا جميعا: لما خرجت عائشة وطلحة والزبير من مكة إلى البصرة، طرقت ماء الحوأب، وهو ماء لبني عامر بن صعصعة، فنبحتهم الكلاب فنفرت صعاب إبلهم، فقال قائل منهم: لعن الله الحوأب فما أكثر كلابها فلما سمعت عائشة ذكر الحوأب، قالت: أهذا ماء الحوأب؟ قالوا: نعم، فقالت: ردوني ردوني. فسألوها ما شأنها؟ ما بدا لها؟ فقالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " كأني بكلاب