أن يجلس، فبعث إلى الشرط ليجلسوه، فقام الناس فحالوا بينهم وبينه، قال: ثم تراموا بالبطحاء، حتى يقول القائل: ما أكاد أرى أديم السماء من البطحاء.
فنزل عثمان، فدخل داره ولم يصل الجمعة.
* * * [فصل فيما شجر بين عثمان وابن عباس من الكلام بحضرة علي] وروى الزبير أيضا في " الموفقيات " عن ابن عباس رحمه الله، قال: صليت العصر يوما، ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة المدينة وحده، فأتيته إجلالا وتوقيرا لمكانه، فقال لي: هل رأيت عليا؟ قلت: خلفته في المسجد، فإن لم يكن الان فيه فهو في منزله، قال: أما منزله فليس فيه فابغه (1) لنا في المسجد. فتوجهنا إلى المسجد، وإذا علي عليه السلام يخرج منه. قال ابن عباس: وقد كنت أمس ذلك اليوم عند على فذكر عثمان وتجرمه عليه، وقال: أما والله يا بن عباس إن من دوائه لقطع كلامه، وترك لقائه. فقلت له: يرحمك الله! كيف لك بهذا! فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع؟ قال: أعتل، وأعتل، فمن يقسرني (2)! قال: لا أحد.
قال ابن عباس: فلما تراءينا له وهو خارج من المسجد، ظهر منه من التفلت والطلب للانصراف ما استبان لعثمان، فنظر إلى عثمان، وقال: يا بن عباس، أما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا فقلت: ولم وحقك ألزم، وهو بالفضل أعلم. فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام، فرد عليه، فقال عثمان: إن تدخل فإياك أردنا، وإن تمض فإياك طلبنا. فقال على: أي ذلك أحببت؟ قال: تدخل، فدخلا وأخذ عثمان بيده، فأهوى به إلى القبلة، فقصر عنها، وجلس قبالتها، فجلس عثمان إلى جانبه، فنكصت عنهما، فدعواني جميعا، فأتيتهما، فحمد عثمان الله، وأثنى عليه، وصلى على رسوله، ثم قال: أما بعد يا بنى خالي وابني