[من أخبار يوم الجمل] وروى أبو مخنف، قال: لما تزاحف الناس يوم الجمل والتقوا، قال علي عليه السلام لأصحابه: لا يرمين رجل منكم بسهم، ولا يطعن أحدكم فيهم برمح، حتى أحدث إليكم، وحتى يبدأوكم بالقتال وبالقتل. فرمى أصحاب الجمل عسكر علي عليه السلام بالنبل رميا شديدا متتابعا، فضج إليه أصحابه، وقالوا: عقرتنا سهامهم يا أمير المؤمنين. وجئ برجل إليه، وإنه لفي فسطاط له صغير، فقيل له: هذا فلان قد قتل. فقال: اللهم اشهد، ثم قال:
أعذروا إلى القوم، فأتى برجل آخر فقيل: وهذا قد قتل، فقال: اللهم اشهد، أعذروا إلى القوم، ثم أقبل عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، يحمل أخاه عبد الرحمن بن بديل، قد أصابه سهم فقتله، فوضعه بين يدي علي عليه السلام، وقال: يا أمير المؤمنين، هذا أخي قد قتل، فعند ذلك استرجع علي عليه السلام، ودعا بدرع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات الفضول فلبسها، فتدلت بطنه فرفعها بيده، وقال لبعض أهله، فحزم وسطه بعمامة، وتقلد ذا الفقار، ودفع إلى ابنه محمد راية رسول الله صلى الله عليه وآله السوداء، وتعرف بالعقاب، وقال لحسن وحسين عليهما السلام: إنما دفعت الراية إلى أخيكما. وتركتكما لمكانكما من رسول الله صلى الله عليه وسلم * * * قال أبو مخنف: وطاف علي عليه السلام على أصحابه، وهو يقرأ: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب﴾ (1)