في رجال من بنى أمية، فأذن لي وألطفني، وقربني وأدنى مجلسي، ثم قال: ما صنعت؟
فأخبرته بالخبر على وجهه وما قال الرجل، وقلت له - وكتمته قوله: " إنه ليقرف قرحة ليحورن عليه ألمها " - إبقاء عليه، وإجلالا له، وذكرت مجئ عمار، وبش على له، وظن على أن قبله غير ما ألقيت عليه، وسلوكهما حيث سلكا. قال: وفعلا؟ قلت: نعم، فاستقبل القبلة، ثم قال: اللهم رب السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أصلح لي عليا، وأصلحني له! أمن يا بن عباس، فأمنت. ثم تحدثنا طويلا، وفارقته وأتيت منزلي.
* * * وروى الزبير بن بكار أيضا في الكتاب المذكور، عن عبد الله بن عباس، قال: ما سمعت من أبى شيئا قط في أمر عثمان يلومه فيه ولا يعذره، ولا سألته عن شئ من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه. فإنا عنده ليلة ونحن نتعشى، إذ قيل: هذا أمير المؤمنين عثمان بالباب، فقال: ائذنوا له، فدخل فأوسع له على فراشه، وأصاب من العشاء معه، فلما رفع قام من كان هناك، وثبت أنا. فحمد عثمان الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد يا خال، فإني قد جئتك أستعذرك من ابن أخيك على، سبني، وشهر أمري، وقطع رحمي، وطعن في ديني، وإني أعوذ بالله منكم يا بنى عبد المطلب، إن كان لكم حق تزعمون أنكم غلبتم عليه، فقد تركتموه في يدي من فعل ذلك بكم، وأنا أقرب إليكم رحما منه؟ وما لمت منكم أحدا إلا عليا، ولقد دعيت أن أبسط عليه، فتركته لله والرحم، وأنا أخاف ألا يتركني فلا أتركه.
قال ابن عباس: فحمد أبى الله وأنى عليه، ثم قال: أما بعد يا بن أختي، فإن كنت لا تحمد عليا لنفسك فإني لا أحمدك لعلى، وما على وحده قال فيك، بل غيره، فلو أنك