بغير ذلك يوم يقول وأنت عنده: " - ن من أصحابي لقوما سالمين لهم، وإن عثمان لمنهم، إنه لأحسنهم بهم ظنا، وأنصحهم لهم حبا ". فقال علي عليه السلام: فتصدق قوله صلى الله عليه وسلم بفعلك. وخالف ما أنت الان عليه، فقد قيل لك ما سمعت وهو كاف إن قبلت.
قال عثمان: تثق يا أبا الحسن! قال: نعم أثق ولا أظنك فاعلا، قال عثمان: قد وثقت وأنت ممن لا يخفر صاحبه، ولا يكذب لقيله.
قال ابن عباس: فأخذت بأيديهما، حتى تصافحا وتصالحا وتمازحا، ونهضت عنهما، فتشاورا وتآمرا وتذاكرا، ثم افترقا، فوالله ما مرت ثالثة حتى لقيني كل واحد منهما يذكر من صاحبه مالا تبرك عليه الإبل. فعلمت أن لا سبيل إلى صلحهما بعدها.
* * * وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب " أخبار السقيفة " عن محمد بن قيس الأسدي، عن المعروف بن سويد، قال: كنت بالمدينة أيام بويع عثمان، فرأيت رجلا في المسجد جالسا، وهو يصفن (1) بإحدى يديه على الأخرى، والناس حوله، ويقول: واعجبا من قريش واستئثارهم بهذا الامر على أهل هذا البيت، معدن الفضل، ونجوم الأرض، ونور البلاد!
والله إن فيهم لرجلا ما رأيت رجلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى منه بالحق، ولا أقضى بالعدل، ولا آمر بالمعروف، ولا أنهى عن المنكر، فسألت عنه فقيل: هذا المقداد، فتقدمت إليه، وقلت: أصلحك الله! من الرجل الذي تذكر؟ فقال: ابن عم نبيك رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب!
قال: فلبثت ما شاء الله. ثم إني لقيت أبا ذر رحمه الله، فحدثته ما قال المقداد، فقال: صدق، قلت: فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الامر فيهم! قال: أبى ذلك قومهم، قلت: فما يمنعكم أن تعينوهم! قال: مه لا تقل هذا، إياكم والفرقة والاختلاف!