(145) الأصل:
ومن خطبة له عليه السلام:
أيها الناس، إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا، مع كل جرعة شرق، وفى كل أكله غصص، لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يعمر معمر منكم يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله، ولتجدد له زيادة في أكله إلا بنفاد ما قبلها من رزقه، ولا يحيا له أثر إلا مات له أثر، ولا يتجدد له جديد إلا بعد أن يخلق له جديد ولا تقوم له نابتة إلا وتسقط منه محصودة. وقد مضت أصول نحن فروعها، فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله!
* * * الشرح:
الغرض: ما ينصب ليرمى، وهو الهدف. وتنتضل فيه المنايا: تترامى فيه للسبق، ومنه الانتضال بالكلام وبالشعر (1)، كأنه يجعل المنايا أشخاصا تتناضل بالسهام، من الناس من يموت قتلا، ومنهم من يموت غرقا، أو يتردى في بئر، أو تسقط عليه حائط، أو يموت على فراشه.
ثم قال: " مع كل جرعة شرق، وفى كل أكلة غصص ": بفتح الغين، مصدر قولك: غصصت يا فلان بالطعام، وروى: " غصص " جمع غصة، وهي الشجا، وهذا مثل قول بعضهم: المنحة فيها مقرونة بالمحنة، والنعمة مشفوعة بالنقمة.