فدخل المحراب، وقال: تلبث على إذا انصرفنا، فلما رآني عمار وحدي أتاني، فقال:
أما رأيت ما بلغ بي آنفا! قلت: أما والله لقد أصعبت به وأصعب بك، وأن له لسنه وفضله وقرابته، قال: إن له لذلك، ولكن لا حق لمن لا حق عليه. وانصرف.
وصلى عثمان وانصرفت معه يتوكأ على، فقال: هل سمعت ما قال عمار؟ قلت: نعم، فسرني ذلك وساءني، أما مساءته إياي فما بلغ بك، وأما مسرته لي فحلمك واحتمالك.
فقال: إن عليا فارقني منذ أيام على المقاربة وإن عمارا آتيه فقائل له وقائل، فابدره إليه، فإنك أوثق عنده منه وأصدق قولا، فألق الامر إليه على وجهه، فقلت: نعم.
وانصرفت أريد عليا عليه السلام في المسجد، فإذا هو خارج منه، فلما رآني تفجع لي من فوت الصلاة، وقال: ما أدركتها! قلت: بلى ولكني خرجت مع أمير المؤمنين، ثم اقتصصت عليه القصة، فقال: أما والله يا بن عباس، إنه ليقرف قرحة، ليحورن عليه ألمها (1). فقلت: إن له سنه وسابقته، وقرابته وصهره، قال: إن ذلك له، ولكن لا حق لمن لا حق عليه.
قال: ثم رهقنا (2) عمار فبش به على، وتبسم في وجهه، وسأله. فقال عمار: يا بن عباس هل ألقيت إليه ما كنا فيه؟ قلت: نعم، قال: أما والله إذا لقد قلت بلسان عثمان، ونطقت بهواه! قلت: ما عدوت الحق جهدي، ولا ذلك من فعلى، وإنك لتعلم أي الحظين أحب إلى، وأي الحقين أوجب على!
قال: فظن على أن عند عمار غير ما ألقيت إليه، فأخذ بيده وترك يدي، فعلمت أنه يكره مكاني، فتخلفت عنهما، وانشعب بنا الطريق، فسلكاه ولم يدعني، فانطلقت إلى منزلي، فإذا رسول عثمان يدعوني، فأتيته، فأجد ببابه مروان وسعيد بن العاص.