وكذلك النهى عن المنكر واجب، وقد يحتاج الانسان إلى الاستعانة بالغير على تغييره ورد القاضي إلى منهج الصلاح، فلا بد له أن يشرح للغير حال ذلك الانسان المرتكب المنكر، ومن ذكر الانسان بلقب مشهور فعرف عن عيبه، كالأعرج والأعمش المحدثين، لم يكن مغتابا إذا لم يقصد الغض والنقض.
والصحيح أن المجاهر بالفسق لا غيبة له، كصاحب الماخور والمخنث، ومن يدعو الناس إلى نفسه ابنة، وكالعشار والمستخرج بالضرب، فإن هؤلاء غير كارهين لما يذكرون به، وربما تفاخروا بذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: " من ألقى جلباب الحياء عن وجهه، فلا غيبة له "، وقال عمر: ليس لفاجر حرمة، وأراد المجاهر بالفسق، دون المستتر.
وقال الصلت بن طريف: قلت للحسن رحمه الله: الرجل الفاجر المعلن بالفجور غير مراقب، هل ذكرى له بما فيه غيبة؟ فقال: لا، ولا كرامة له!
* * * [طريق التوبة من الغيبة] واعلم أن التوبة من الغيبة تكفر عقابها، والتوبة منه هي الندم عليها، والعزم على ألا يعود، فإن لم يكن الشخص المذكور قد بلغته الغيبة، فلا حاجة إلى الاستحلال منه، بل لا يجوز إعلامه بذلك، هكذا قال شيخنا أبو الحسين رحمه الله، لأنه لم يؤلمه فيحتاج إلى أن يستوهب منه إثم ذلك الإيلام وفى إعلامه تضييق صدره، وإدخال مشقة عليه، وإن كان الشخص المذكور قد بلغته الغيبة، وجب عليه أن يستحله ويستوهبه، فإن كان قد مات سقط بالتوبة عقاب ما يختص بالبارئ سبحانه من ذلك الوقت، وبقى ما يختص بذلك الميت لا يسقط حتى يؤخذ العوض له من المذنب يوم القصاص.