كنانة بن بشر. ثم ندب معه نحو ألفي رجل، وتخلف محمد في ألفين، واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد، فلما دنا عمرو من كنانة سرح إليه الكتائب، كتيبة بعد كتيبة، فلم تأته من كتائب الشام كتيبة إلا شد عليها بمن معه فيضربها حتى يلحقها بعمرو، ففعل ذلك مرارا. فلما رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج الكندي، فأتاه في مثل الدهم (١). فلما رأى كنانة ذلك الجيش، نزل عن فرسه، ونزل معه أصحابه فضاربهم بسيفه، وهو يقول: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا﴾ (2).
فلم يزل يضاربهم بالسيف حتى استشهد رحمه الله.
* * * قال إبراهيم: حدثنا محمد بن عبد الله، عن المدائني، عن محمد بن يوسف، أن عمرو ابن العاص لما قتل كنانة أقبل نحو محمد بن أبي بكر، وقد تفرق عنه أصحابه، فخرج محمد متمهلا، فمضى في طريقه حتى انتهى إلى خربة (3)، فآوى إليها، وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، وخرج معاوية بن حديج في طلب محمد، حتى انتهى إلى علوج على قارعة الطريق، فسألهم. هل مر بهم أحد ينكرونه؟ قالوا: لا، قال أحدهم: إني دخلت تلك الخربة، فإذا أنا برجل جالس. قال ابن حديج: هو هو ورب الكعبة، فانطلقوا يركضون، حتى دخلوا على محمد، فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا، فأقبلوا به نحو ا لفسطاط.
قال: ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص، وكان في جنده، فقال: لا والله لا يقتل أخي صبرا، ابعث إلى معاوية بن حديج فانهه، فأرسل عمرو ابن العاص: أن ائتني بمحمد، فقال معاوية: أقتلتم كنانة بن بشر، ابن عمى وأخلى عن محمد!