قيسا قد بايعكم، فادعوا الله له. وقرأ عليهم كتابه الذي لان فيه وقاربه، واختلق كتابا نسبه إلى قيس فقرأه على أهل الشام:
للأمير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد. أما بعد، إن قتل عثمان كان حدثا في الاسلام عظيما، وقد نظرت لنفسي وديني، فلم أر يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برا تقيا، فنستغفر الله سبحانه لذنوبنا، ونسأله العصمة لديننا. ألا وإني قد ألقيت إليكم بالسلام، وأجبتك إلى قتال قتلة إمام الهدى المظلوم، فاطلب منى ما أحببت من الأموال والرجال أعجله إليك إن شاء الله: والسلام على الأمير ورحمة الله وبركاته.
قال: فشاع في الشام كلها أن قيسا صالح معاوية، وأتت عيون علي بن أبي طالب إليه بذلك، فأعظمه وأكبره وتعجب له، ودعا ابنيه حسنا وحسينا وابنه محمدا وعبد الله ابن جعفر، فأعلمهم بذلك، وقال: ما رأيكم؟ فقال عبد الله بن جعفر يا أمير المؤمنين، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك اعزل قيسا عن مصر. قال على: والله إني غير مصدق بهذا على قيس. فقال عبد الله: اعزله يا أمير المؤمنين، فإن كان ما قد قيل حقا فلا يعتزل لك أن عزلته. قال: وأنهم لكذلك إذ جاءهم كتاب من قيس بن سعد، فيه:
أما بعد فإني أخبر يا أمير المؤمنين، أكرمك الله وأعزك إن قبلي رجالا معتزلين سألوني أن أكف عنهم وأدعهم على حالهم حتى يستقيم أمر الناس فنرى ويرون.
وقد رأيت أن أكف عنهم ولا أعجل بحربهم، وأن أتألفهم فيما بين ذلك، لعل الله أن يقبل بقلوبهم، ويفرقهم عن ضلالتهم إن شاء الله. والسلام.
فقال عبد الله بن جعفر: يا أمير المؤمنين، إنك إن أطعته في تركهم واعتزالهم استشرى الامر وتفاقمت الفتنة، وقعد عن بيعتك كثير ممن تريده على الدخول فيها، ولكن مره بقتالهم. فكتب إليه: