شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٥٣
وقال أبو تمام في الشيب (1):
شعلة في المفارق استودعتني * في صميم الأحشاء ثكلا صميما (2) تستثير الهموم ما اكتن منها * صعدا وهي تستثير الهموما دقة في الحياة تدعى جلالا * مثلما سمى اللديغ سليما غرة بهمة ألا إنما كنت أغرا أيام كنت بهيما حلمتني زعمتم وأراني * قبل هذا التحليم كنت حليما ومن هذا قولهم للأعور: ممتع، كأنهم أرادوا أنه قد متع ببقاء إحدى عينيه، ولم يرم ضوءهما معا (3).
ومن كناياتهم على العكس، قولهم للأسود: يا أبا البيضاء، وللأسود أيضا: يا كافور، وللأبيض يا أبا الجون، وللأقرع: يا أبا الجعد.
وسموا الغراب أعور لحدة بصره، قال ابن ميادة:
ألا طرقتنا أم عمرو ودونها * فياف من البيداء يعشي غرابها

(1) ديوانه 3: 223، من قصيدة يمدح فيها أبا سعيد محمد بن يوسف، وطلعها:
إن عهدا لو تعلمان ذميما * أن تناما عن ليلتي أو تنيما (2) قال شارح الديوان: (الشعلة: تحتمل وجهين: أحدهما أن يكون من شعلة النار، والآخر أن يكون من شعلة الفرس، يقال: فرس أشعل، إذا كان في ذنبه بياض. وقال: (شعلة في المفارق)، فصنع بذلك، لان الشعلة جرت عادتها أن تكون في الأذناب، وهي هنا المفارق، فهي مخالفة لتلك. وصميم كل شئ: خالصة).
(3) الجرجاني 53، وروى في ذلك بيتين:
ولقبت بالكافي عمى وجهالة * وإن كان أمر العجز عندك أوقعا كما سمى الأعمى بصيرا وسمى اللديغ سليما والمخل ممتعا
(٥٣)
مفاتيح البحث: محمد بن يوسف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست