أهل بيته على الرجالة، وبعث معه ثلاثة صفوف: صف فيه الرجالة ومعهم السيوف، وصف هم أصحاب الرماح، وصف فيه المرامية.
ثم سار عتاب بين الميمنة والميسرة يمر بأهل راية راية، فيحرض من تحتها على الصبر، ومن كلامه يومئذ: إن أعظم الناس نصيبا من الجنة الشهداء، وليس الله لأحد أمقت منه لأهل البغي، ألا ترون عدوكم هذا يستعرض المسلمين بسيفه، لا يرى ذلك إلا قربة لهم!
فهم شرار أهل الأرض، وكلاب أهل النار. فلم يجبه أحد، فقال: أين القصاص يقصون على الناس، ويحرضونهم؟ فلم يتكلم أحد، فقال: أين من يروى شعر عنترة، فيحرك الناس؟ فلم يجبه أحد ولا رد عليه كلمة، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، والله لكأني بكم وقد تفرقتم عن عتاب وتركتموه تسفى في استه الريح، ثم أقبل حتى جلس في القلب، ومعه زهرة بن حوية، وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث.
وأقبل شبيب في ستمائة، وقد تخلف عنه من الناس أربعمائة، فقال: إنه لم يتخلف عنى إلا من لا أحب أن أراه معي، فبعث سويد بن سليم في مائتين إلى الميسرة، وبعث المحلل بن وائل في مائتين إلى القلب، ومضى هو في مائتين إلى الميمنة، وذلك بين المغرب والعشاء الآخرة، حين أضاء القمر، فناداهم: لمن هذه الرايات؟ قالوا: رايات همدان.
فقال: رايات طالما نصرت الحق، وطالما نصرت الباطل، لها في كل (1) نصيب، أنا أبو المدله أثبتوا إن شئتم. ثم حمل عليهم، وهم على مسناة أمام الخندق، ففضهم، وثبت أصحاب رايات قبيصة بن والق.
فجاء شبيب فوقف عليه، وقال لأصحابه: مثل هذا قوله تعالى: (واتل عليهم