شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١١٣
[فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة] المسألة الرابعة:
أن يقال: كيف قال عليه السلام: (فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تبرءوا منى)؟ وأي فرق بين السب والبراءة؟ وكيف أجاز لهم السب ومنعهم عن التبرؤ، والسب أفحش من التبرؤ!
والجواب، أما الذي يقوله أصحابنا في ذلك فإنه لا فرق عندهم بين سبه (١) والتبرؤ منه، في أنهما حرام وفسق وكبيرة، وأن المكره عليهما يجوز له فعلهما عند خوفه على نفسه، كما يجوز له إظهار كلمة الكفر عند الخوف.
ويجوز ألا يفعلهما وإن قتل، إذا قصد بذلك إعزاز الدين، كما يجوز له أن يسلم نفسه للقتل ولا يظهر كلمة الكفر إعزاز للدين، وإنما استفحش عليه السلام البراءة لأن هذه اللفظة ما وردت في القرآن العزيز إلا عن المشركين، ألا ترى إلى قوله تعالى:
(براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين (٢))، وقال تعالى:
﴿.. أن الله برئ من المشركين ورسوله﴾ (3)، فقد صارت بحسب العرف الشرعي مطلقه على المشركين خاصة، فإذن يحمل هذا النهى على ترجيح تحريم لفظ البراءة على لفظ السب، وإن كان حكمهما واحدا، ألا ترى أن إلقاء المصحف في القذر أفحش من إلقاء المصحف في دن الشراب، وإن كانا جميعا محرمين، وكان حكمهما واحدا!
فأما الامامية فتروي عنه عليه السلام أنه قال: إذا عرضتم على البراءة منا فمدوا الأعناق.
ويقولون: إنه (4) لا يجوز التبرؤ منه، وإن كان الحالف صادقا، وإن عليه الكفارة.

(١) ج: (السب).
(٢) سورة التوبة ١.
(٣) سورة التوبة ٣.
(4) ساقطة من ا.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232