شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
ثم إن الحجاج دعا عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فقال له: انتخب الناس، فأخرج ستمائة من قومه من كندة، وأخرج من سائر الناس ستة آلاف، واستحثه الحجاج على الشخوص، فخرج بعسكره بدير عبد الرحمن، فلما استتموا هناك كتب إليهم الحجاج كتابا قرئ عليهم.
أما بعد فقد اعتدتم عادة الأذلاء، ووليتم الدبر يوم الزحف، دأب الكافرين (1) وقد صفحت عنكم مرة بعد مرة، وتارة بعد أخرى، وإني أقسم بالله قسما صادقا لئن عدتم لذلك لأوقعن بكم إيقاعا يكون أشد عليكم من هذا العدو الذي تنهزمون (2) منه في بطون الأودية والشعاب، وتستترون منه بأثناء (3) الأنهار وألواذ (4) الجبال، فليخف من كان له معقول (5) على نفسه، ولا يجعل عليها سبيلا، فقد أعذر من أنذر. والسلام.
وارتحل عبد الرحمن بالناس حتى مر بالمدائن، فنزل بها يوما ليشترى أصحابه منها حوائجهم، ثم نادى في الناس بالرحيل، وأقبل حتى دخل على عثمان بن قطن مودعا، ثم أتى الجزل عائدا، فسأله عن جراحته، وحادثه، فقال الجزل: يا بن عم، إنك تسير إلى فرسان العرب وأبناء الحرب وأحلاس (6) الخيل، والله لكأنما خلقوا من ضلوعها، ثم ربوا (7) على ظهورها، ثم هم أسد الأجم، الفارس منهم أشد من مائة، إن لم يبدأ به

(1) الطبري: (وذلك دأب الكافرين).
(2) الطبري: (تهربون) (3) الأثناء: جمع ثنى، وهو المنعطف.
(4) الألواذ: جمع لوذ، وهو جانب الجبل.
(5) المعقول هنا: العقل، وهو مصدر من المصادر التي وردت على اسم المفعول، كالمجهود والميسور، وفي المثل: (ماله حول ولا معقول).
(6) الحلس في الأصل: كل شئ ولى ظهر البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرج، كالمرشحة تكون تحت اللبد. ويقال: فلان من أحلاس الخيل، أي من راضتها وساستها والملازمين ظهورها، على التشبيه بالحلس.
(7) في الطبري: (بنوا).
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232