شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
وقد كان الحجاج بعث إلى عتاب بن ورقاء الرياحي ليأتيه، وكان على خيل الكوفة مع المهلب، ودعا الحجاج أشراف أهل الكوفة، منهم زهرة بن حوية، وقبيصة بن والق، فقال: من ترون أن أبعث على هذا الجيش؟ قالوا: رأيك أيها الأمير أفضل، قال: إني قد بعثت إلى عتاب بن ورقاء وهو قادم عليكم الليلة، فيكون هو الذي يسير بالناس، فقال زهرة بن حوية: أصلح الله الأمير! رميتهم بحجرهم، لا والله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل.
فقال قبيصة بن والق: وإني مشير عليك أيها الأمير برأي اجتهدته، نصيحة لك ولأمير المؤمنين ولعامة المسلمين، إن الناس قد تحدثوا أن جيشا قد وصل إليك من الشام، لان أهل الكوفة قد هزموا، وهان عليهم الفرار والعار من الهزيمة، فكأنما قلوبهم في صدور قوم آخرين، فإن رأيت أن تبعث إلى الجيش الذي قد أمددت به من أهل الشام، فليأخذوا حذرهم، ولا يثبتوا بمنزل إلا وهم يرون أنهم يبيتون فعلت، فإن فعلت فإنك إنما تحارب حولا قلبا محلالا مظعانا (1)، إن شبيبا بينا هو في أرض إذا هو في أخرى، ولا آمن أن يأتيهم وهم غارون، فإن يهلكوا يهلك العراق كله.
فقال الحجاج: لله أبوك! ما أحسن ما رأيت! وما أصح ما أشرت به! فبعث إلى الجيش الوارد عليه من الشام كتابا قرأوه وقد نزلوا هيت، وهو:
أما بعد، فإذا حاذيتم هيت، فدعوا طريق الفرات والأنبار، وخذوا على عين التمر، حتى تقدموا الكوفة، إن شاء الله (2).
فأقبل القوم سراعا، وقدم عتاب بن ورقاء في الليلة التي قال الحجاج إنه فيها قادم، فأمره الحجاج، فخرج بالناس، وعسكر بحمام (3) أعين، وأقبل شبيب حتى انتهى

(1) الطبري: (ظعانا رحالا).
(2) في الطبري بعدها: (وخذوا حذركم وعجلوا السير، والسلام).
(3) حمام أعين: موضع بالكوفة، منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقاص.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232