إلى كلواذى (1)، فقطع منها دجلة، وأقبل حتى نزل بهرسير (2)، وصار بينه وبين مطرف ابن المغيرة بن شعبة جسر دجلة، فقطع مطرف الجسر، ورأي رأيا صالحا كاد به شبيبا، حتى حبسه عن وجهه، وذلك أنه بعث إليه: أن ابعث إلى رجالا من فقهاء أصحابك وقرائهم، وأظهر له أنه يريد أن يدارسهم القرآن، وينظر فيما يدعون إليه، فإن وجد حقا اتبعه، فبعث إليه شبيب رجالا، فيهم قعنب وسويد والمحلل، ووصاهم ألا يدخلوا السفينة حتى يرجع رسوله من عند مطرف، وأرسل إلى مطرف: أن ابعث إلى من أصحابك ووجوه فرسانك بعدة أصحابي، ليكونوا رهنا في يدي، حتى ترد على أصحابي. فقال مطرف لرسوله: القه، وقل له: كيف آمنك الان على أصحابي، إذ أبعثهم إليك، وأنت لا تأمنني على أصحابك! فأبلغه الرسول، فقال: قل له: قد علمت أنا لا نستحل الغدر في ديننا، وأنتم قوم غدر تستحلون الغدر وتفعلونه. فبعث إليه مطرف جماعة من وجوه أصحابه، فلما صاروا في يد شبيب، سرح إليه أصحابه، فعبروا إليه في السفينة، فأتوه، فمكثوا أربعة أيام يتناظرون، ولم يتفقوا على شئ، فلما تبين لشبيب أن مطرفا كاده، وأنه غير متابع له، تعبي للمسير، وجمع إليه أصحابه، وقال لهم: إن هذا الثقفي قطعني عن رأيي منذ أربعة أيام، وذلك أنى هممت أن أخرج في جريدة من الخيل، حتى ألقى هذا الجيش المقبل من الشام، وأرجو أن أصادف غرتهم قبل أن يحذروا، وكنت ألقاهم منقطعين عن المصر، ليس عليهم أمير كالحجاج يستندون إليه، ولا لهم مصر كالكوفة يعتصمون به، وقد جاءني عيون (3) أن أوائلهم قد دخلوا عين التمر، فهم الان قد شارفوا الكوفة، وجاءني أيضا عيون من نحو عتاب (3) أنه نزل بحمام أعين بجماعة أهل الكوفة (4 وأهل البصرة، فما أقرب ما بيننا وبينهم! فتيسروا بنا للمسير إلى عتاب.
(٢٦٤)