شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١١٤
ويقولون: إن حكم البراءة من الله تعالى ومن الرسول ومنه عليه السلام ومن أحد الأئمة عليهم السلام، حكم واحد.
ويقولون: إن الاكراه على السب يبيح إظهاره، ولا يجوز الاستسلام للقتل معه، وأما الاكراه على البراءة، فإنه يجوز معه الاستسلام للقتل ويجوز أن يظهر التبرؤ، والأولى أن يستسلم للقتل.
* * * [فصل في معنى قول على: (إني ولدت على الفطرة)] المسألة الخامسة: أن يقال: كيف علل نهيه لهم على البراءة منه عليه السلام، بقوله: (فإني ولدت على الفطرة)، فإن هذا التعليل لا يختص به عليه السلام، لان كل أحد (1) يولد على الفطرة، قال النبي صلى الله عليه وآله: (كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه وينصرانه).
والجواب، أنه عليه السلام علل نهيه لهم عن البراءة منه بمجموع أمور وعلل، وهي كونه ولد على الفطرة، وكونه سبق إلى الايمان والهجرة، ولم يعلل بآحاد هذا المجموع، ومراده هاهنا بالولادة على الفطرة أنه لم يولد في الجاهلية، لأنه ولد عليه السلام لثلاثين عاما مضت من عام الفيل، والنبي صلى الله عليه وآله أرسل لأربعين سنة مضت من عام الفيل، وقد جاء في الأخبار الصحيحة أنه صلى الله عليه وآله مكث قبل الرسالة سنين عشرا يسمع الصوت ويرى الضوء، ولا يخاطبه أحد، وكان ذلك إرهاصا لرسالته عليه السلام فحكم تلك السنين العشر حكم أيام رسالته صلى الله عليه وآله، فالمولود فيها إذا كان في حجره وهو المتولي لتربيته مولود في أيام كأيام النبوة، وليس بمولود في جاهلية محضة، ففارقت حاله حال من يدعى له من الصحابة مماثلته في الفضل. وقد روى أن السنة التي ولد فيها على

(1) ج: (واحد)
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232