و كان عتاب حينئذ قد أخرج معه خمسين ألفا من المقاتلة، وهددهم الحجاج إن هربوا كعادة أهل الكوفة، وتوعدهم، وعرض شبيب أصحابه بالمدائن، فكانوا ألف رجل فخطبهم وقال: يا معشر المسلمين، إن الله عز وجل كان ينصركم وأنتم مائة ومائتان، واليوم فأنتم مئون [ومئون] (1)، ألا وإني مصل الظهر، ثم سائر بكم إن شاء الله.
فصلى الظهر، ثم نادى في الناس، فتخلف عنه بعضهم.
قال فروة بن (2) لقيط: فلما جاز ساباط، ونزلنا معه، قص علينا، وذكرنا بأيام الله، وزهدنا في الدنيا، ورغبنا في الآخرة. ثم أذن مؤذنة فصلى بنا العصر، ثم أقبل حتى أشرف على عتاب بن ورقاء، فلما رأى جيش عتاب نزل من ساعته، وأمر مؤذنه، فأذن ثم تقدم، فصلى بأصحابه صلاة المغرب (3)، وخرج عتاب بالناس كلهم فعبأهم، وكان قد خندق على نفسه مذ يوم نزل.
وجعل على ميمنته محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني، قال له: يا بن أخي إنك شريف، فاصبر وصابر، فقال: أما أنا فوالله لأقاتلن ما ثبت معي إنسان.
وقال لقبيصة بن والق التغلبي (4): اكفني الميسرة، فقال: (5 أنا شيخ كبير، غايتي أن أثبت تحت رايتي، أما تراني لا أستطيع القيام إلا أن أقام، وأخي نعيم بن عليم ذو غناء، فابعثه على الميسرة. فبعثه عليها 5). وبعث حنظلة بن الحارث الرياحي ابن عمه، وشيخ