يا قوم، دعوهم لا تتبعوهم، يا قوم دعوهم لا تتبعوهم حتى نصبحهم. قال: فكففنا عنهم وليس شئ أحب إلينا من أن ينصرفوا عنا.
قال فروة بن لقيط الخارجي: فلما انتهينا إلى الجسر، قال شبيب: اعبروا معاشر المسلمين فإذا أصبحنا باكرناهم إن شاء الله تعالى، قال: فعبرنا أمامه، وتخلف في آخرنا، وأقبل يعبر الجسر، وتحته حصان جموح، وبين يديه فرس أنثى ماذيانة، فنزا حصانه عليها وهو على الجسر، فاضطربت الماذيانة وزل حافر فرس شبيب عن حرف السفينة، فسقط في الماء، فسمعناه يقول لما سقط: ﴿ليقضى الله أمرا كان مفعولا﴾ (١) واغتمس (٢) في الماء ثم ارتفع فقال: ﴿ذلك تقدير العزيز العليم﴾ (3) ثم اغتمس في الماء، فلم يرتفع.
هكذا روى أكثر الناس. وقال قوم: إنه كان مع شبيب رجال كثير بايعوه في الوقائع التي كان يهزم الجيش فيها، وكانت بيعتهم إياه على غير بصيرة، وقد كان أصاب عشائرهم وساداتهم، فهم منه موتورون، فلما تخلف في أخريات الناس يومئذ، قال بعضهم لبعض: هل لكم أن نقطع به الجسر، فندرك ثأرنا الساعة! فقالوا: هذا هو الرأي، فقطعوا الجسر، فمالت به السفينة: ففزع حصانه ونفر، فسقط في الماء وغرق.
والرواية الأولى أشهر، فحدث قوم من أصحاب سفيان، قالوا: سمعنا صوت الخوارج يقولون: غرق أمير المؤمنين، فعبرنا إلى عسكرهم، فإذا هو ليس فيه صافر (4) ولا أثر، فنزلنا فيه، وطلبنا شبيبا حتى استخرجناه من الماء، وعليه الدرع، فيزعم الناس أنهم