[فصل في ذكر المنحرفين عن علي] وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن علي عليه السلام، قائلين فيه السوء، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا، وإيثارا للعاجلة، فمنهم أنس بن مالك، ناشد علي عليه السلام الناس في رحبة القصر - أو قال رحبة الجامع بالكوفة -: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(من كنت مولاه فعلى مولاه)؟ فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها، وأنس بن مالك في القوم لم يقم، فقال له: يا أنس، ما يمنعك أن تقوم فتشهد، ولقد حضرتها! فقال: يا أمير المؤمنين، كبرت ونسيت، فقال: اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة قال طلحة بن عمير: فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه.
وروى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب، فقال: إني آليت ألا أكتم حديثا سئلت عنه في علي بعد يوم الرحبة، ذاك رأس المتقين يوم القيامة، سمعته والله من نبيكم.
* * * وروى أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن، أن عليا عليه السلام نشد الناس من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من كنت مولاه فعلى مولاه)، فشهد له قوم وأمسك زيد بن أرقم، فلم يشهد - وكان يعلمها - فدعا علي عليه السلام عليه بذهاب البصر فعمى، فكان يحدث الناس بالحديث بعد ما كف بصره.
* * * قالوا: وكان الأشعث بن قيس الكندي وجرير بن عبد الله البجلي يبغضانه، وهدم علي عليه السلام دار جرير بن عبد الله.
قال إسماعيل بن جرير: هدم على دارنا مرتين.