قال عبد الرزاق: وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري.
ولم يذكر صاحب،، الاستيعاب،، ما يدل على سبق زيد إلا هذه الرواية، واستغربها، فدل مجموع ما ذكرناه أن عليا عليه السلام أول الناس إسلاما، وأن المخالف في ذلك شاذ، الشاذ لا يعتد به.
* * * [فصل فيما ذكر من سبق على إلى الهجرة] المسألة السابعة:
أن يقال: كيف قال: (إنه سبق إلى الهجرة) ومعلوم أن جماعة من المسلمين هاجروا قبله، منهم عثمان بن مظعون وغيره، وقد هاجر أبو بكر قبله، لأنه هاجر في صحبة النبي صلى الله عليه وآله، وتخلف علي عليه السلام عنهما (1)، فبات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله، ومكث أياما يرد الودائع التي كانت عنده، ثم هاجر بعد ذلك؟
والجواب، أنه عليه السلام لم يقل: (وسبقت كل الناس إلى الهجرة)، وإنما قال:
(وسبقت) فقط، ولا يدل ذلك على سبقه للناس كافة، ولا شبهة أنه سبق معظم المهاجرين إلى الهجرة، ولم يهاجر قبله أحد إلا نفر يسير جدا.
وأيضا فقد قلنا إنه علل أفضليته وتحريم البراءة منه مع إلا كراه بمجموع أمور: منها ولادته على الفطرة، ومنها سبقه إلى الايمان، ومنها سبقه إلى الهجرة، وهذه الأمور الثلاثة لم تجتمع لأحد غيره، فكان بمجموعها متميزا عن كل أحد من الناس.
وأيضا فإن اللام في (الهجرة) يجوز ألا تكون للمعهود السابق، بل تكون للجنس، وأمير المؤمنين عليه السلام سبق أبا بكر وغيره إلى الهجرة التي قبل هجرة المدينة، فإن النبي صلى الله عليه وآله هاجر عن مكة مرارا يطوف على أحياء العرب، وينتقل من