إلى الكوفة، فشدوا ظهر الحجاج، واستغنى بهم عن أهل العراق، ووصلته أخبار عتاب وعسكره، فصعد المنبر، فقال: يا أهل الكوفة، لا أعز الله من أراد بكم العز، ولا نصر من أراد منكم النصر، اخرجوا عنا فلا تشهدوا معنا قتال عدونا، والحقوا بالحيرة، فانزلوا مع اليهود والنصارى، (1 ولا يقاتلن معنا إلا من لم يشهد قتال عتاب بن ورقاء 1).
وخرج شبيب يريد الكوفة، فانتهى إلى سورا (2)، فقال لأصحابه: أيكم يأتيني برأس عاملها، فانتدب إليه قطين، وقعنب، وسويد، ورجلان من أصحاب شبيب، فكانوا خمسة، وساروا حتى انتهوا إلى دار الخراج، والعمال فيها، فقالوا: أجيبوا الأمير، فقال الناس: أي أمير؟ قالوا: أمير قد خرج من قبل الحجاج، يريد هذا الفاسق شبيبا، فاغتر بذلك عامل سورا، فخرج إليهم فلما خالطهم شهروا السيوف، وحكموا وخبطوه بها حتى قتلوه، وقبضوا ما وجدوا في دار الخراج من مال، ولحقوا بشبيب.
فلما رأى شبيب البدر، قال: أتيتمونا بفتنة المسلمين! هلم يا غلام الحربة، فخرق بها البدر، وأمر أن تنخس الدواب التي كانت البدر عليها، فمرت رائحة، والمال يتناثر من البدر، حتى وردت الصراة، فقال: إن كان بقي شئ فاقذفوه في الماء.
* * * وقال سفيان بن الأبرد للحجاج: ابعثني إلى شبيب أستقبله قبل أن يرد الكوفة، فقال: لا، ما أحب أن نفترق حتى ألقاه في جماعتكم، والكوفة في ظهرنا، وأقبل شبيب حتى نزل حمام أعين، دعا الحجاج الحارث بن معاوية بن أبي زرعة بن مسعود الثقفي فوجهه في ناس لم يكونوا شهدوا يوم عتاب. فخرج في ألف رجل، حتى انتهى إلى شبيب ليدفعه عن الكوفة، فلما رآه شبيب حمل عليه فقتله، وفل أصحابه. فجاءوا حتى دخلوا