الكوفة، وبعث شبيب البطين في عشرة فوارس يرتادون له منزلا على شاطئ الفرات، في دار الرزق، فوجه الحجاج حوشب بن يزيد، في جمع من أهل الكوفة، فأخذوا بأفواه السكك، فقاتلهم البطين فلم يقو عليهم، فبعث إلى شبيب، فأمده بفوارس من أصحابه، فعقروا فرس حوشب وهزموه، فنجا بنفسه، ومضى البطين إلى دار الرزق في أصحابه، ونزل شبيب بها، ولم يوجه إليه الحجاج أحدا، فابتنى مسجدا في أقصى السبخة، وأقام ثلاثا لم يوجه إليه الحجاج أحدا، ولا يخرج إليه من أهل الكوفة، ولا من أهل الشام أحد، وكانت امرأته غزالة نذرت أن تصلى في مسجد الكوفة ركعتين، تقرأ فيهما بالبقرة وآل عمران (1).
* * * فجاء شبيب مع امرأته حتى أوفت بنذرها في المسجد، وأشير على الحجاج أن يخرج بنفسه إليه، فقال لقتيبة بن مسلم: إني خارج، فأخرج أنت، فارتد لي معسكرا، فخرج وعاد، فقال: وجدت المدى سهلا، فسر أيها الأمير على اسم الله والطائر الميمون، فخرج الحجاج بنفسه، ومر على مكان فيه كناسة وأقذار، فقال: ألقوا لي هنا بساطا، فقيل له:
إن الموضع قذر، فقال: ما تدعوني إليه أقذر، الأرض تحته طيبة، والسماء فوقة طيبة.
ووقف هناك وأخرج مولى له يعرف بأبي الورد، وعليه تجفاف (2)، وأحاط به غلمان كثير، وقيل: هذا الحجاج، فحمل عليه شبيب فقتله، وقال: إن يكن الحجاج، فقد أرحت الناس (3) منه، ودلف الحجاج نحوه حينئذ، وعلى ميمنته مطر بن ناجية، وعلى ميسرته خالد بن عتاب بن ورقاء، وهو في زهاء أربعة آلاف، فقيل له: أيها الأمير لا نعرف