شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٧٠
شبيبا بمكانك، فتنكر، وأخفى مكانه، وتشبه به مولى آخر للحجاج في هيئته وزيه، فحمل عليه شبيب، فضربه بالعمود فقتله، ويقال إنه قال لما سقط: (أخ) بالخاء المعجمة فقال شبيب: قاتل الله ابن أم الحجاج! اتقى الموت بالعبيد، وذلك أن العرب تقول عند التأوه (أح) بالحاء المهملة.
ثم تشبه بالحجاج أعين صاحب حمام أعين، ولبس لبسته، فحمل عليه شبيب فقتله، فقال الحجاج: على بالبغل لأركبه، فأتى ببغل محجل، وقيل: أيها الأمير، أصلحك الله! إن الأعاجم كانت تتطير أن تركب مثل هذا البغل في مثل هذا اليوم، فقال: أدنوه منى فإنه أغر محجل، وهذا يوم أغر محجل، فركبه، ثم سار في الناس يمينا وشمالا ثم قال:
اطرحوا لي عباءة، فطرحت له، فنزل فجلس عليها، ثم قال: ائتوني بكرسي، فأتى به، فقام فجلس عليه، ثم نادى أهل الشام، فقال: يا أهل الشام، يا أهل السمع والطاعة، لا يغلبن باطل هؤلاء الأرجاس حقكم، غضوا الابصار، واجثوا على الركب، واستقبلوا القوم بأطراف الأسنة، فجثوا على الركب، وكأنهم حرة سوداء.
ومنذ هذا الوقت ركدت ريح شبيب، وأذن الله تعالى في إدبار أمره، وانقضاء أيامه فأقبل، حتى إذا دنا من أهل الشام عبى أصحابه ثلاثة كراديس، كتيبة معه، وكتيبة مع سويد بن سليم وكتيبة مع المحلل بن وائل، وقال لسويد: احمل عليهم في خيلك، فحمل عليهم فثبتوا له حتى إذا غشى أطراف أسنتهم، وثبوا في وجهه، فقاتلهم طويلا، فصبروا له، ثم طاعنوه، قدما قدما، حتى ألحقوه بأصحابه.
فلما رأى شبيب صبرهم، نادى: يا سويد، احمل في خيلك في هذه الرايات الأخرى، لعلك تزيل أهلها، فتأتي الحجاج من ورائه، ونحمل نحن عليه من أمامه. فحمل سويد على تلك الرايات، وهي بين جدران الكوفة، فرمى بالحجارة من سطوح البيوت، ومن أفواه السكك، فانصرف ولم يظفروا.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232